“كاد المريب أن يقول خذوني” … شطر بيت من الشعر بات حكمة!!! / بقلم : ا.د كريم فرمان

ان إحدى وظائف الشعر تصدير حكم او امثال يتداولها الناس جيلا بعد جيل لتصبح من الموروث الشعبي وتفيد في التذكير بصوابية الفعل او النهي عنه ولكن هناك اشطار من ابيات شعرية ربما رسخت في الوجدان والمخيال الجمعي باتها حكمة منفصلة ولكثرة تداولها بين الناس ظنوا انها مقولة متداولة متجاهلين انها في الأصل هي عجز من بيت شعري قاله شاعر يوما ما من قصيدة لا يتذكرها احد غير المتخصصين في اللغة العربية وادابها وخذ مثلا على ذلك ( كاد المريب بان يقول خذوني) حتى اني مرة سالت صديقا لي يشتغل في التفتيش الجمركي كيف تمكنت من ضبط هذه الشحنة من المواد الممنوعة ونلت عليها مكافاة؟
فاجابني بسرعة، كاد المريب بان يقول خذوني، ومثل ذلك ينجح كثير من ضباط التحقيق الجنائي في كشف جرائم فردية متنوعة والبيت يفسر بان الذي يعمل عملا سيئا او ممنوعا ولكثرة شكه في نفسه وخوفه يكاد ان يفضح نفسه !
ولكن الأصل ان هذا الشطر من بيت شعري ماخوذ من قصيدة جميلة لابن سهل الأندلسي يقول فيها :
ولقد كتمت الحب بين جوانحي،
حتى تكلم في دموع شؤوني،
هيهات لا تخفى امارات الهوى،
كاد المريب بان يقول خذوني!!
ومثل هذا جاء قول ( للضرورات احكام ) ويتداولها كل من اجبرته ظروف قاهرة احيانا على قبول او اتخاذ قرار غير مرغوب فيه والبيت هو في الأصل ينسب للقائد صلاح الدين الأيوبي عندما اضطر لترك القاهرة التي طاب له فيها المقام وغادر الى الشام مضطرا،
( وما كانت سليمى بديلة بليلى،،،ولكن للضرورات احكام ).
وفي القصيدة يرد اسمان لأمراتين سلمى وليلى حيث يشير الى ان الشخص لم يرغب في تفضيل سليمى على ليلى ولكن للضرورات احكام!!
ولن يغيب عنا ماليء الدنيا وشاغل الناس ابي الطيب المتنبي شاعر الحكمة في قوله المأثور (تجري الرياح بما لا تشتهي السفن)، وهو يعبر عن فكرة ان الفرد احيانا يخطط لأمر ما ولكن تاتي ظروف تخالف توقعاته،.
ومثل ذلك (لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي) ل عمرو بن ربيعة الزبيدي واشتهر شطر البيت لا حياة لمن تنادي ويقصد بها ان النصيحة التي تقدمها لن تجد من يسمعها او يعمل بها .
وغير ذلك الكثير مما تزخر به دواوين الشعر العربي مثل مصائب قوم عند قوم فوائد!
كم كان الشعر ديوان العرب ومراتهم العاكسة ووثق بلاغتهم وحكمتهم ومشاعرهم وفخرهم وحتى غزلهم العفيف.
المصدر : الكاتب