الأخبارالصدى الثقافيفضاء الرأي

رواية “سائح في موطنه” !!! (الفصل الثالث) / بقلم : الكاتبة والإعلامية سهام عبدالله

الكاتبة والإعلامية / سهام عبدالله .

“المرأة الموريتانية… مملكة وسط التقاليد”

كانت سهام كلما غاصت أكثر ،
في تفاصيل المجتمع الموريتاني،
ازدادت اندهاشًا من عالم النساء فيه.

فقد اكتشفت ولأول مرة أن المرأة،
إذا تطلقت، لا تُحاط بالشفقة ،
كما في مجتمعات كثيرة،
بل تُعامل كالملكة، تُقام لها حفلة خاصة،
ويُبارك لها الأهل والجيران،
وكأن الطلاق ميلاد جديد لا هزيمة فيه.
والأدهى أن أجمل الرجال ،
وأغناهم يتسابقون للتقرب منها،
فالمطلقة في عيون الموريتانيين
ليست امرأة منكسرة، بل امرأة
ناضجة تحمل خبرة وتجربة،
ولن تعيد أخطاء الماضي مع زوجها المقبل.

وكانت سهام تستمع إلى أحاديث
النساء بإعجاب لا يخلو منه الدهشة،
وهن يرددن بثقة:
“الرجال هنا يحبون المرأة التي تزوجت من قبل، فهي أكثر حكمة، وأكثر قدرة على فهم الحياة الزوجية.”

وتعلمت سهام أن قوة شخصية،
المرأة الموريتانية لا تنفصل عن حنانها،
فهي التي تدلل زوجها وتغمره بالحب ،
حين يكونان وحدهما، لكنها أمام الناس ،
صاحبة الكلمة الأولى، هيبةً وتقاليد.

تلك الازدواجية الفريدة جعلتها ،
ترى المرأة الموريتانية في صورة
مزيج بين العاطفة والسلطة.

ولم يتوقف اندهاش سهام ،
عند هذا الحد، بل اكتشفت أن المرأة
الناجحة في موريتانيا ليست بالضرورة
صاحبة مال أو جاه، بل هي تلك التي ،
تمتلك شخصية قوية، تبني زوجها وتكوّنه
من العدم، تسانده ،في خطواته حتى يعلو شأنه.

فالنجاح في نظر المجتمع الموريتاني
انعكاس لامرأة تقف خلف رجلها،
وصعود الزوج يُعد جزءًا ،
لا يتجزأ من نجاحها هي.

ومن أكثر ما أدهش سهام، أن ،
الحياء في موريتانيا يأخذ أبعادًا
عميقة لم تعرفها من قبل؛
فالمرأة لا تستطيع أن ،
تذكر اسم زوجها أمام والديها،
أو كبار السن، فهذا يُعد قلة توقير.
كانت تكتفي بكنية مبهمة يفهم
منها الحضور أنها تشير إليه،
ولا سيما النساء الأكبر منها سنًا.

بل إن الحياء يمتد حتى مع أبنائها؛
فلا تُقبل طفلها أو تُداعبه أمام الكبار،
لأن ذلك في عُرفهم من مظاهر قلة الاحترام.

ولم يكن الرجل بعيدًا عن هذه العادات؛
فهو الآخر لا يجرؤ على ذكر
اسم زوجته أمام الكبار،
ولا يلعب مع أطفاله في حضرتهم،
صونًا لمقام الاحترام وحرصًا على مكانة الوقار.

جلست سهام ذات مساء تكتب في دفترها:
“في موريتانيا، المرأة ليست مجرد نصف المجتمع، بل تاج على رأسه، توازن بين العاطفة والسلطة، وتُحاط بهالة من التوقير والحياء. “

هي الأم التي تُعلّم، والزوجة التي تُساند، والملكة ،التي يُقاس نجاح الرجل
بقدر ما تبنيه بيديها.

 

يتواصل …

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى