الأخبارالصدى الثقافي

ابن الكتب الذي اعتزل الناس بقلم: شدري معمر علي

طلب رجل من امرأته الحامل أن تحضر له كتابا من مكتبته، وهي تهم بإحضاره، جاءها المخاض، فولدت طفلا بين الكتب، فلقب بـ”ابن الكتب” ولم يكن هذا الطفل إلا العلامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي الذي اشتهر باسم “جلال الدين السيوطي” (849هـ -1445م). إمام حافظ ومفسر وأديب وفقيه شافعي ألف نحو 600 مصنف.
نشأ في القاهرة يتيماً؛ إذ مات والده وعمره خمس سنوات، ولما بلغ أربعين سنة اعتزل الناس، وخلا بنفسه في روضة المقياس على النيل، منزوياً عن أصحابه جميعاً، كأنه لا يعرف أحداً منهم، فألف أكثر كتبه. وكان الأغنياء والأمراء يزورونه ويعرضون عليه الأموال والهدايا فيردها. وطلبه السلطان مراراً فلم يحضر إليه، وأرسل إليه هدايا فردها، وبقي على ذلك إلى أن توفي.
فإن كان الجاحظ مات بالكتب- “رشّح بعض المؤرخين المتأخرين سقوط كتب الجاحظ عليه سببا رئيسا لوفاته، يقول أبو الفداء المتوفى سنة (732) في كتابه “المختصر في أخبار البشر: رُوي أنّ موته كان بوقوع مجلداتٍ عليه، وكان من عادته أن يصفَّها قائمةً كالحائط محيطةً به، وهو جالسٌ إليها، وكان عليلاً، فسقطت عليه فقتلته” – فجلال الدين السيوطي ولد بين الكتب وعاش بينها معتزلا الناس فيها وجد تلك العاطفة التي حرم منها ليتمه وبين عوالمها سبح فكره وخياله فشيد صروحا من العلم والمعرفة خلدت اسمه في سجل العظماء المؤثرين، فرحم الله جلال الدين السيوطي وكل علماء الأمة الإسلامية الذين أناروا وسط دياجير الجهل…

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى