بيان من الدكاترة المعتصمين “المتضررين من خروقات مسابقة التعليم العالي” بشأن تعميم الوزير الأول
بيان من الدكاترة المعتصمين المتضررين من خروقات مسابقة التعليم العالي
تثمينًا لتعميم معالي الوزير الأول رقم (00000006) بتاريخ 20/06/2025
إننا نحن الدكاترة المتضررون من الخروقات الجسيمة التي شهدتها مسابقة اكتتاب 100 عنصر لصالح مؤسسات التعليم العالي، الذين يدخل اعتصامُنا في رحاب مقرّ اللجنة الوطنية للمسابقات شهرَه التاسعَ اليومَ، لَنستبشر خيرًا بالتعميم ذي الأهمية البالغة الذي أصدره أمس معالي الوزير الأول؛ لما اشتمل عليه هذا التعميم من إعلان رسمي نادر عن حجم الاختلالات العميقة التي تنخر جسم الإدارة العامة، خصوصًا في مجال التعيين في وظائف المرافق العمومية، حيث أكّد التعميم بوضوح ما تحدّثنا عنه منذ بداية اعتصامنا ممّا شهدته مسابقة التعليم العالي الحالية من انفلات إداري مشهود، ناتج عن سنوات من التغاضي والتساهل مع خرق القانون وتهميش نصوصه وتعطيل مبدأ المساءلة؛ حيث لم تكن المشكلة يومًا في غياب التشريعات، بل كانت دائمًا في غياب الإرادة الحقيقية لتطبيق تلك التشريعات من طرف شبكات النفوذ المتغلغلة داخل مؤسسات التوظيف، ممن استباحوا الوظيفة العمومية وجعلوها امتيازًا شخصيًّا يُوزَّع على أساس الولاء والانتماء العائلي لا على أساس الكفاءة والجدارة، وما نجم عن ذلك من إقصاء للكفاءات الوطنية، وغياب للشفافية، وتكريسٍ ممنهَج للزبونية والمحاصصة، على حساب المصلحة العامة وجودة المخرَجات.
وبما أن التعليم هو أساس أي إصلاح، ولا سيما التعليم العالي الذي هو مصنع العنصر البشري، فإننا نجدّد تمسّكنا بمطلبنا الأساسي المتمثّل في توجيه الجهات الرقابية إلى تفتيش مسابقة التعليم العالي الحالية؛ بُغية إعادة تنظيمها على أسس سليمة تضمن احترام معايير الجدارة والكفاءة، وتحفظ حقوق الجميع بمن فيهم أولئك الذين مُنعوا ظلمًا من المشاركة في المسابقة بالرغم من تحقق شروط المشاركة لديهم، وذلك بدلًا من إقصاء الأكفاء وتوزيع مقاعد أساتذة التعليم العالي حسب معايير الزبونية والمحاصصة؛ إذْ إنّ استعادة ثقة المواطن في الدولة تبدأ من احترام حقه الدستوري في المنافسة العادلة على الوظائف العامة، الوارد في المادة (51) من النظام الأساسي للوظيفة العمومية، التي تنص على أنّ المسابقة هي الوسيلة الوحيدة للولوج إلى الوظيفة العمومية. وهو ما خرقته لجنة تحكيم مسابقة اكتتاب 100 عنصر لصالح مؤسسات التعليم العالي في جميع مراحل المسابقة، بدءًا من مرحلة المقبولية الإدارية التي أقصت فيها 189 متسابقًا من ذوي الكفاءة والتخصص؛ متعمّدة بذلك إفساح المجال أمام الأقل كفاءة والأبعد من مجالات التخصص المطلوبة، بل إن الاستهتار قد ذهب بها أبعد من ذلك حيث أصرّت في بعض المقاعد على إنجاح من لم يُكمل خمس سنوات بعد الحصول على درجة الدكتوراه الذي هو شرط لقبول الترشح أصلًا، كما أنجحت في مقاعد أخرى من لا علاقة له بالتخصص المطلوب للمقعد الذي أنجحَتْه فيه.
وإننا لنؤكد في هذا السياق أننا طرقنا أبواب كل الجهات العليا في البلد؛ حيث لمسنا لدى الوزارة الأولى تجاوبًا مع مطلبنا بتفتيش مسابقة اكتتاب 100 عنصر لصالح مؤسسات التعليم العالي وتسلّمت منّا ملفات الأدلة الدامغة على العبث بالمسابقة. ونذكّر هنا بأننا لا نطالب بمستحيل وإنما بتفتيش مسابقة جرى تفتيش مثيلاتها ثم أُلغيت نتائجها حين تبّين ما شابها من خروقات، وما مسابقة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي منّا ببعيد.. فما السرّ في التغاضي عن عبث اللجنة الوطنية للمسابقات بمستقبل أجيال الطلاب الجامعيين، متخلية بذلك عن مسؤوليتها ومتلاعبة بالثقة التي أولاها إياها فخامة رئيس الجمهورية.
وإننا ونحن ندخل اليومَ الشهر التاسع منذ بدْءِ اعتصامنا على قارعة الطريق في رحاب مقرّ اللجنة الوطنية للمسابقات، لَنراهنُ على تعهدات صاحب الفخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بحلّ أزمات التعليم العالي في مأمورية الشباب الحالية، وعلى ما وعَد به فخامته من أنه لن يترك أحدًا على قارعة الطرق.
وانطلاقًا من حرصنا على مصلحة منظومة تعليمنا العالي، الذي هو أساس أي إصلاح منشود، فإننا نؤكد من جهة أخرى أننا مازلنا ننتظر من اللجنة الوطنية للمسابقات تنفيذ ما التزمت به لقناة “الموريتانية” من تعهدها بمواجهة المعتصمين في مناظرة تلفزيونية تُنقل على الهواء مباشرة إنارة للرأي العام الوطني؛ وحينها سيدرك الجميع أن إلغاء نتائج هذه “المسابقة” هو الضامن الوحيد لشفافية الاكتتابات القادمة التي بشّر بها البرنامج الطموح لفخامة رئيس الجمهورية المتمثل في استكمال اكتتاب 300 أستاذ جامعي قبل نهاية هذا العام.
انواكشوط: 21/06/2025
عن الدكاترة المعتصمين
د. أسماء عبدالرحمن