الأخبارمقالات و تحليلات

الإمارات والاستثمار في الاستدامة / نورة الطنيجي

نورة الطنيجي / كاتبة إماراتية

تأسست دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971، في اتحاد قوي جمع بين سبع إمارات بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ومنذ تأسيسها، تبنّت دولة الإمارات رؤيةً تنموية شاملة كانت في كل المراحل متقدمةً على زمنها، إذ استندت مبكراً إلى التخطيط الاستراتيجي والرؤية المستقبلية الاستشرافية، وهو ما مكّنها من تحقيق تحوّل اقتصادي سريع وفعّال طالما كان نموذجاً يحتذى بالنسبة للكثير من دول العالم.

 وفي المراحل الأولى من عمر الدولة، كان اقتصاد الإمارات يعتمد بشكل أساسي على قطاع النفط والغاز، والذي مثّل المحرّك الرئيس للتنمية خلال عقدَي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، غير أن القيادة الرشيدة للدولة ممثلةً اليوم في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة،رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وضعت هدفاً استراتيجياً يتمثل في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، عبر بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على العلم والمعرفة.وفي إطار الرؤية المستقبلية للقيادة الحكيمة، عملت الدولة على تهيئة بيئة استثمارية مرنة وجاذبة من خلال تطوير بنية تحتية عالمية المستوى، وسن تشريعات محفزة، وإنشاء مناطق حرة متقدمة مثل منطقة جبل علي الحرة ومركز دبي المالي العالمي. وبفضل هذه التوجهات، تصدرت الإمارات دول المنطقة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي إليها 23 مليار دولار في عام 2023، وذلك وفقاً لما جاء في تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، لتتبوأ بذلك المرتبة الأولى عربياً. كما أسهمت هذه الاستثمارات في تنمية قطاعات استراتيجية مثل السياحة، والعقارات، والطيران، والتكنولوجيا المالية.. بالإضافة إلى دعم سوق العمل، وتعزيز روح الابتكار وريادة الأعمال، من خلال مبادرات ناجحة ومميزة مثل صندوق محمد بن راشد للابتكار.
وإلى ذلك، فقد تبنّت الدولة مفهوم الاستدامة خياراً اقتصادياً استراتيجياً عاماً، حيث استثمرت في مشاريع كبرى للطاقة المتجددة، من أبرزها مدينة مصدر في أبوظبي، ومجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية في دبي، اللذان يُعدان معاً من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم. وتبلغ الطاقة المتوقعة لهذا المشروع الأخير 5000 ميغاواط عند اكتماله. 
كما أطلقت دولة الإمارات استراتيجية التنمية الخضراء، والتزمت بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، لتصبح بذلك أول دولة في الشرق الأوسط تتبنى هذا التوجّه التنموي المستدام القائم على مجموعة من السياسات الصديقة للبيئة.
 وتؤكد هذه الإنجازات، وغيرها من الإنجازات الأخرى المهمة، أن الرؤية المستقبلية الاستشرافية للقيادة الحكيمة، والاستثمار المدروس في مختلف القطاعات، والالتزام العميق بمبادئ الاستدامة واقتصاد المعرفة.. شكّلت كلُّها ركائز متينةً لبناء اقتصاد وطني مزدهر ومتطور، قادر على مواجهة التحديات وتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة للأجيال القادمة. واليوم يتم إدخال الذكاء الاصطناعي كرافعة مستقبلية جديدة ضمن التوجه الاقتصادي والتعليمي والتنموي بشكل استراتيجي من شأنه أن يُسهم في إحراز المزيد من الازدهار والتطور لصالح الاقتصاد الوطني.

الإتحاد 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى