المفكر الاماراتي معالي الأستاذ علي محمد الشرفاء و الإنشغال بوجع الأمة / بقلم : محمد عبد الرحمن المجتبى

رغم ما شهدته الأمة على مدى العقود الست المنصرمة، من أزمات وانتكاسات لم يشهد العرب والمسلمون عموما لحظة مأزومة كاللحظة الراهنة، حيث تتوسع خارطة الدم ، وتتشعب تفاصيل تفاصيل الصراعات البينية العربية والاقليمية، وهي اللحظة ذاتها التي تتفاقم فيها الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية في اغلب البلدان العربية ، وينشغل العرب كليا عن الهم المشترك وعن أمنهم القومي والاقليمي وعن قضيتهم المركزية فلسطين ، فيما تواصل آلة البطش الصهيونية عربدتها و إبادتها للبشر والحجر !!!
ورغم كل هذا الوجع ظل المفكرون العرب بمختلف مشاربهم الفكرية ومرجعياتهم السياسية يدقون ناقوس الخطر ، لكن رسالة أغلب هؤلاء رغم قدراتهم الفكرية لم تصل لسببين اثنين، الاول هو أن أغلبهم يطل على المشهد العربي من برج عاجي أكاديمي لا يلامس واقع وحياة الناس، و لا يستشعر الهموم والأحلام المسروقة و المعطلة ، أما السبب الثاني فهو أن أغلب مفكرينا تخطفه اجندات سياسية، أغلبها ذات مرجعيات خارجية تطمح لتمرير رؤيتها للمتلقي العربي ، وزرع أفكارها في عقول وقلوب وحتى بطون الأجيال العربية، لكي تتناغم مع أطروحاتها التي لا تخدم حاضر ومستقبل العرب بحال من الأحوال، بل أن بعض تلك الافكار هدام وخطير على مستقبل العرب كأمة وكمجتمعات…

في خضم هذه اللحظة العربية والإسلامية المأزومة بالأوجاع والتحديات المتفاقمة والمتسارعة يشهر المفكر العربي الاماراتي معالي الاستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي سلاحه الفكري، عبر منهج فكري “تنويري” يدعو للعودة للأصول والثقة بالذات والانطلاق نحو المستقبل بروح صادقة متصالحة مع كل ابعادها الدينية والفكرية والسياسية ،
لقد نجح المفكر علي محمد الشرفاء في الوصول لقلوب الملايين في العالم العربي والاسلامي بأسلوب يمزج بين عمق المفكرين وخبرة رجال الدولة وحكمة الشيوخ ، ولا غرو في ذلك فالرجل كان من أقرب المقربين من حكيم العرب على الاطلاق في العصر الحديث الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه ، ولا شك انه نهل من معين حكمة ورؤية وإيمان وتبصر الشيخ زايد رحمه الله ، ونلمس ذلك جليا في مقالاته ومؤلفاته التي يعالج فيها ما وصلت له الأمة من تشرذم وتفكك بسبب انشغالها عن رسالتها الوجودية ، واختطافها من طرف أصحاب المشاريع السياسية المأجورة والتيارات الفكرية الهدامة ، خاصة منها تلك التي تستخدم الدين مطية لمآربها السياسية الخاصة.
لقد سخر الرجل فكره وماله ونفسه ونفيسه لخدمة هذه الامة، واستشراف واقعها ، ورسم ملامح مشرفة لغد مشرق زاهر، ينعم في الانسان العربي بالرفاهية ، وتنعم فيه بلداننا العربية بالاستقرار والتطور والازدهار.
فمن يطالع كتب ومقالات الرجل يجد لديه حرقة قوية عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي العربي ، فنراه منشغلا حزينا لما تعيشه الأمة، أو ما يمارسه الاعداء من ردح وعبث بمقوماتنا الاقتصادية والتنموية بدون أن ننتبه لذلك ، ولعل خير مثال على ذلك هو ما سطره الرجل خلال أزمة سد النهضة والتهديد الاثيوبي للأمن القومي العربي على مستوى جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان ، فنراه يتابع الملف بدقة ويرفض حتى المساومة فيه ويستنكر حتى المفاوضات مع الجانب الاثيوبي لأنه بالنسبة له لا معنى لأن نتفاوض من أجل الحياة ، ومنذ اندلاع هذه الأزمة والرجل يكتب عنها ويحللها ويسبر أغوار مخاطرها ويطرح الحلول المناسبة للتعاطي معها وكسبها لصالح الأمن القومي العربي
وفي مجال التنمية الاجتماعية للوطن العربي يطالب المفكر علي محمد الشرفا منذ عقود بتبني استراتيجية عربية للتكامل الاقتصادي العربي ، ولم يكتف بذلك بل وضع بنفسه تكل الاستراتيجية المتكاملة، وكنا في صحيفة “الصدى” قد نشرناها على حلقات خلال الشهور الماضية، حيث شملت شتى مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي الخ….
وأتذكر جيدا أنه بمناسبة إحدى القمم العربية في مطلع الألفية بعث الرجل بوثيقة مختصرة للقادة العرب عالج فيها الواقع العربي ووضع تصورات عملية بسيطة لحل كل المشاكل العربية المطروحة و لو طبقت تلك الوثيقة حينها لكانت كفيلة بتغيير كل الاوضاع الاقتصادية وحتى السياسية المتردية في وطننا العربي ، ولما كنا نعيش اليوم ما نعيشه من تشرذم وتدهور على شتى المستويات
وحدث ولا حرج حين يتحدث الرجل عن بحور الدماء التي تسيل باسم الدين وتحت يافطة الشعارات الدينية الخداعة والدين منها ومن أهلها براء ، وقد ألف الرجل مئات المقالات ونشر عشرات الكتب “التنويرية” موضحا بالادلة القاطعة المنهج السلمي السليم “لرسالة الاسلام” التي لا غبار عليها “محجة بيضاء ليلها كنهارها” محذرا من استغلال بعض “الجماعات” المتطرفة للمنهج الديني والتأثير على قلوب وعقول شباب الامة بالدعاية المغرضة التي تزرع ثقافة العنف والكراهية بدلا من ثقافة الستامح والعدل والتراحم التي هي جوهر الدين الاسلامي الحنيف
واليوم يكتب الرجل بإسهاب عن الأوضاع العربية التي تؤرقه وتشغل باله ، ويعالجها بنظرة شمولية تحلل الواقع، وتحدد مكامن الخلل والوجع بدقة، وترسم ملامح العلاج والتعافي بأسلوب “سهل ممتنع” رصين، لا تكلف فيه ولا تزلف، ولا مجاملة فيه ولا مزايدة ولا محاباة.
حفظ الله معالي الأستاذ علي محمد الشرفاء ودام قلمه سيالا يسبر أغوار قضايا الأمة مستشرفا آفاق التطور والازدهار لوطننا العربي المنكوب ببعض نخبه المتآمرة عليه.