الأخبارالصدى الثقافي

فن قراءة الكتاب ونقده .. جرأة في العرض والتقديم / بقلم : جعفر لبجة

المصدر : الكاتب/

هذا الكتاب الذي بين أناملنا (فن قراءة الكتاب ونقده .. جولة تحريرية في عالم القرطاس والقلم) هو خلاصة ما ذهب إليه الدكتور نضير الخزرجي، وقد صدر حديثا (2025م) في بغداد عن دار قناديل للنشر والتوزيع.

إن تناول أي كتاب وقراءته والسبر فيه يقول الدكتور المؤلف هو بحد ذاته فن من فنون الأدب لا يجيده إلا من يخوض بقلمه ميادين الكتابة والتحرير المختلفة، لأن مثَلَ الكاتب المتمرس كمثَلِ الصائغ يقولب قطعة الذهب بأنامله كيفما يشاء وأنى يشاء. وفي هذا الكتاب يجد القارئ العزيز قراءة العنوانات المختلفة لمؤلفين كثيرين. ففي هذا الكتاب المميز قراءة بسيطة وأخرى معمقة، وقراءة موضوعية وأخرى انطباعية، قراءة تفسيرية وأخرى توضيحية، قراءة فهرسية وأخرى عنوانية، قراءة نقدية وأخرى استعراضية، وسيقف القارئ بشكل ميداني وتحريري على هذا الأدب الرفيع العالمي يقدم فيه المحرر للقارئ الكتاب على طبق من المعرفة كما يقدم الطباخ الماهر وجبة الطعام الشهي، فلا يحتاج القارئ عندها إلى قراءة متن الكتاب وكامل صفحاته وسطوره بما استعرض فيه المحرر من محتواه واستظهر مضمونه أو نقده، أو يحصل العكس فتجذبه المقالة وتدفعه الى اقتناء أصل الكتاب والغوص في تفاصيل متنه متأثراً بما خطه قلم الكاتب الناقد والمحرر الراصد.

والحقيقة التي يجب أن تقال والتي لابد منها أن متن الكتاب كبير لا يمكن استيعابه بتلك الوريقات القلائل، لذا ستذكر بمعنى عناوين الكتاب بإجمال، لا أدعي بأني قد قرأت الكتاب ببحث تفصيلي فهذا أمر في غاية الصعوبة لفخامة الكتاب وتعدد موضوعاته، لذا وجدت نفسي أسلك أحد هذين الطريقين:

فإما أن أقرأه قراءة ثانية، وهذا يتطلب مني وقتاً غير يسير مع ظروف المرحلة الراهنة ومتطلباتها. وإما أن ألتجئ إلى فهرسة الكتاب وأختار منه ما يمكن أن أختاره من موضوعات تفي بالغرض، وبذلك أكون قد اهتديت إلى الطريقة المثلى في القراءة والكتابة، ثم أعود إلى قراءة الكتاب قراءة ثانية، فمثل هذا الكتاب لا يمكن تركه على الرف.

وقبل أن نلج إلى بعض موضوعات الكتاب لابد لنا من سرد نبذة مختصرة عن حياة هذا الكاتب الكربلائي المولد: نضير بن رشيد بن حميد بن علي البغدادي الخزرجي، إذ ولد في شهر محرم الحرام عام 1381هـ الموافق لــ (28/6/1961م)، وهو كما تشير سيرته الذاتية باحث ومحقق وإعلامي وأكاديمي وأديب ومؤلف عراقي مقيم في لندن، حاصل على الإعدادية من كربلاء والدبلوم في الدراسات الإسلامية من كلية بيركبك (لندن)، نال شهادة البكالوريوس من الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية (لندن)، ونال الشهادة العالية (ماجستير فلسفة) من الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية (لندن)، ونال الشهادة العليا (دكتوراه فلسفة) من نفس الجامعة أعلاه في لندن، له مشاركات عديدة وتنقلات كثيرة خلال جولاته المتواصلة بين لندن وإيران وسوريا، له أكثر من عشرين كتاباً مطبوعاً منها: نزهة القلم .. قراءة نقدية في الموسوعة الحسينية، سفر الخلود .. من مملكة الضباب إلى جمهورية القباب، وغيره الكثير من المؤلفات المهمة التي أثرت المكتبات المختلفة في بقاع لندن وطهران والعراق والعالم.

تلك هي نبذة وجيرة من حياة الدكتور الخزرجي تناولناها على عجالة كي يتسنى لنا الدخول إلى متن الكتاب، من خلال ما تضمنه فهرسة الكتاب المليء بالأحداث الخطيرة التي تحاشى الكثير من الكتّاب الولوج إليها خوفاً من الاتهام بشتى الاتهامات التي لا تليق بهم، لكن كاتبنا دخل إليها بمنتهى الجرأة، وتناول أحداثها بمنتهى الدقة دون خوف أو رهبة، خاصة وانه كان يعيش حياته في بلاد الضباب (لندن) حيث الحريات مكفولة هناك، فقد تسلَّم مؤلفنا من الملاحقات والعقوبات في تلك البلاد.

 والعجب أن فهرسة محتويات الكتاب فيه الكثير مما يدعو إلى التوقف، فعنوان يقول بأن 4000 امرأة في بلد المقابر الجماعية، ويعكس بلا شك العراق، وقد خصص لذلك العنوان ما يقارب عشرين صفحة، أعدت قراءتها لما فيها من أحداث مأساوية دامية، ثم يعرج الكاتب إلى موضوع أسرار آل محمد صلى الله عليه وآله وسلَّم وخصص لها مبحثين، ثم توجه الى الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ومن ثم ذهب إلى موضوع اغتيال الخليفة أبي بكر وعائشة، وهو موضوع جدير بالقراءة. وعن الإمام المجاهد الشيخ محمد الخالصي قصَّ بعض الوريقات الجديرة بالتنقيب، كما تناول الانتفاضة العراقية والموقف الأمريكي منها لكنه لم يذكر عنها شيئاً تفصيلياً، وهناك موضوع البترول والسياسة في المملكة العربية السعودية، وقد خصص له الدكتور الخزرجي أكثر من عشر صفحات. وتحدث الكتاب عن الإمام الرضا والحسين عليهما السلام وثورته الخالدة، اما عن الجواهري الشاعر الأسطورة فقد وضع له المؤلف عنوانا: الجواهر شاعر من القرن العشرين، ولا يفوتنا أن الدكتور الخزرجي خصَّص صفحات للغوي الكبير إبراهيم اليازجي وهو من علماء اللغة العربية، أديب وشاعر وصحافي ومترجم وناشط قومي، ولد في بيروت ودرس فيها ثم هاجر إلى مصر وعمل في مجال الصحافة والترجمة والتأليف حتى رحيله، حيث نقل جثمانه إلى بيروت ودفن فيها.

أما فهرسة الأعلام، فقد أدرج الدكتور الخزرجي عشرات الأعلام ممن لا يسعنا إلا أن نعدهم أعلاماً بحق، وبذلك استحق الدكتور المؤلف أن يؤلف موسوعة بتلك الأسماء الكبيرة التي ترد في معظم الكتب التي يؤلفها المؤلفون، ولولا ضيق المساحة لذكرتهم، فأولئك اليوم من يستطيع أن يغض الطرف عنهم؟! فمن يستطيع أن يغض النظر عن إبن أبي الحديد المعتزلي صاحب كتاب شرح نهج البلاغة، الذي كان وما يزال حديث العلماء شرقاً وغرباً، وهو حديث هيئة الأمم المتحدة، الذين أخذوا مقتطفات منه عليه السلام وعلقوها على واجهة الهيئة، تلك التي تقول: “الناس صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير في الخلق” فاستحق أن يكون أستاذ حقوق الإنسان بعد رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وآله وسلَّم.

وهناك الكثير ممن يصعب عليَّ ذكرهم كابن الأثير وابن بطوطة وابن تيمية وابن جبير وابن الجوزي والعسقلاني وابن سينا وابن شهرآشوب المازندراني وابن عباس (عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي) والملقب بحبر الأمة، وغيرهم العشرات ممن يمكن أن تملأ صفحات بهم لأهميتهم القصوى والذين لم يفارقوا أعلام الكتاب أينما حلّوا شرقاً وغرباً.

أما فهرسة الكتاب ففيه دراسات وبحوث في غاية الأهمية لا يمكن التغاضي عنها لولا الفسحة الصغيرة المخصصة لي، وإنني لأعتذر من القراء على هذا التجاوز فللقلم حدوده وللورق حدود وللصحيفة مكان صغير محدد للكاتب المقدم، ولو أتيح لي لألَّفت من هذا الكتاب كتيباً قد يفي بالغرض، أقول “قد” أي أنَّ الكتيب لا يفي بالغرض ان ابتدأت به فكتاب الدكتور الخزرجي ضخم ودسم في كل معلوماته ولا يمكنني تدبره في تلك المساحة الصغيرة في الصحيفة، وهذا ما استطعت ان ألملمه من كتابه الثمين وكنوزه الرائعة، وكلي أمل أن لا ينزعج ويتنرفز من لم يرد اسمه في هذه المقدمة البسيطة التي لا تدل على محتويات الكتاب الا النزر اليسير، فلست بقادر ان أسير وفق منهج الكتاب بحرية واسعة، ومثلما قلت سابقاً بأن هذا المؤلف كبير في حجمه ومضمونه، وأنا أعلم أن الاعتذار لا يكفي، فالقارئ يريد مادة دسمة تغطي الكتاب، وهذا غير يسير، والقارئ يعلم ذلك، وأرجو أن أجد لديه العذر، فليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وانا تمنيت ولم أدرك.

في ختام المقدمة البسيطة اليسيرة، أدعو الله أن يتناوله القارئ بتأنٍ، إضافة إلى هذه المقدمة، وأختم بالسلام والاعتذار من جميع القراء، ومن الله السداد والتوفيق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى