مقالات و تحليلات

بدايات القضاء في الامارات (ج/1) / المستشار : حبيب بولاد

المستشار : حبيب بولاد / خبير تحكيم دولي شاعر وكاتب إماراتي

كان مجتمع الامارات مجتمعا بسيطا يعيش أبناؤه الفقراء قليلوا العدد على مهنة الغوص وصيد الأسماك ولم يعرفوا هؤلاء النظم التجاريه وتعقيداتها ولم تكن هناك مهن وفرص أخرى متاحة سوى هذه المهنه التي يشقى بها هؤلاء ليستخرجوا لؤلؤا من البحر يقتنيه الاغنياء في اوروبا والهند لذا أستغل الممولون ومعظمهم من الآسيويين افرصة لتكبيلهم بالديون من خلال أنظمة السلف والاقراض ووجد معظم هؤلاء أنفسهم يعملون من أجل تسديد ديونهم في بعض الأحيان .. ونظرا لصغر حجم المجتمع وقلة عدد أفراده لم تكن هناك قضايا تستحق وجود محاكم وقضاة للبث في الخصومات في مجتمع الامارات قبل النفط .. فالقضايا الشخصيه والخصومات بين الناس كانت تحدث بشكل قليل في ذلك الوقت نظرا لبساطة الحياة ومعرفة الناس بعضهم بعضا وقضايا الميراث وغيرها كانت تحل على الأغلب بوساطات أهل الخير أو من قبل الحاكم نفسه وكانت القضايا المهمة المتعلقه بحرفة الغوص تحل من خلال محكمة الغوص .
لم تكن توجد محاكم في ساحل الامارات المتصالحه وكان الناس يلجئون الى الحاكم للشكوى ضد بعضهم بعضا والمحكمة الوحيده الموجوده عوضا عن الحاكم كانت محكمة الغوص والتي يطلق عليها “سلفية الغوص” حيث تشكل تلك المحكمه في حال وجود خلاف بين الاطراف التي تعمل في الغوص والاتجار باللؤلؤ ومعظم قضاياها عن السلف والقروض وهذه المحكمه يتم تشكيلها من شيخ المنطقه كلما أقتضت الضروره لذلك وهم غير مؤهلين بكافة جوانب القضايا المطروحه عليهم لذاانه لم تكن أحكام تلك المحاكم نزيهة في كل الأحوال أو في بعضها .. ويقوم الحاكم بتعيين رجل واحد أو أكثر وغالبا مايكون من النواخذه المشهود لهم بحسن السيره ومعرفة أحوال مغاصات اللؤلؤ حيث يعمل أحد النواخذه كقاضي في هذا المجال ويلتزم المتقاضون بما تصدره المحكمه ونظرا لمعطم البحاره كانوا غواصين أو نواخذه أو تجار اللؤلؤ لا يتعاملون بالأوراق بسبب عدم معرفتهم بالقرائة والكتابه فقد كان يحدث ظلم كبير في أحيانا كثيره على البحارة الفقراء وبالأخص فئة الغواصين وكانت تلك المشكلات تزيد أو تقل باختلاف المواسم .
وكان الممولون الهنود ومعظمهم من الهندوس يأخذون حقوقهم كامله في كل الأحوال فأثناء ازدهار فترة اللؤلؤ كان هؤلاء يكتفون بتقديم الشكاوي للحكام أو لمحكمة الغوص .. وعندما أنهارت تجارة اللؤلؤ وبظهور اللؤلؤ الاصطناعي اصبح من الصعب على كثير من التجار والبحارة المواطنين تسديد ديونهم مما أضطر المحولون بالاستعانه بالسلطة البريطانيه .. ففي مايو 1930 وصلت أنباء الى دبي تفيد بقيام بعض التجار الهندوس باصدار أمر من المحكمة العليا في بومباي باعتقال احد المدينين التجار المواطنين وقد أثارت هذه الحادثه بعض التوتر في دبي مما دفع الشيخ سعيد بن مكتوم حاكم دبي الى التهديد باعتقال كل الهندوس المقيمين على اراضيه .. وعلى أثر ذلك وفي نهاية الأمر تم اطلاق سراح المقبوض عليه على أن تتم تسوية قضية المديونيه من دون اللجؤ الى المحاكم الهنديه .
ان مسألة الحصول على موافقة حكام الامارات على تسليم الصلاحيات القضائيه قد أثيرت لأول مره عام 1939 لكن صرف النظر عنها لأن المقيم السياسي البريطاني ذكر ان الانطباع السائد لدى الحكام هو أن الحكومة البريطانيه تتمتع بهذه الصلاحيات أصلا .. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانيه طلب من جميع حكام ساحل الامارات المتصالحه اعطاء موافقتهم الرسميه على ممارسة الحكومة البريطانيه للصلاحيات القضائيه على الرعايا البريطانيين وجميع الأجانب ولا تشمل رعايا مواطني ساحل الامارات المتصالحه .. وبعد استقلال الهند تحولت مسؤولية منطقة الخليج من حكومة الهند الى الحكومة البريطانيه وفي عام 1950 صدرت أنظمة بموجب أوامر مجلس ملك بريطانيا تتناول مختلف القضايا لساحل الامارات المتصالحه وقوة ساحل عمان ..

وللحديث بقيه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى