المستشار القانوني الإمارتي الدكتور حبيب بولاد يكتب للصدى: نواة قبيلة بني ياس ( ج/1 )

اننا نقلب في صفحات التاريخ نجد فيه معاناة قاسية صعبة المشاق .. بدأ بالأمس لكنه يقرأ المستقبل الذي نحياه اليوم والذي أتى من بعده صورة حقيقية لرسم معالم الحياة لمستقبل مرشد الى غد أفضل .. وشاهد على عصره أجيال نقشت بصماتها قبائل ليتداوله التاريخ لتوثيق وقائعه وأحداثه في صفحات الماضي البعيد لمعرفة تفاصيل غير مدونة في سطور منطقة من الصحاري الواسعة كانت بعيدة كل البعد عن الحياة الحضارية الغير معروفة عن أحداثها الزمنية الذي عاصرها الماضي للتطلعات ورؤيا لمن يقرأها للاستفادة من دروسها وعبرها الذي كان فيها ماضي الأجداد النبع الذي أرتوى منه الأجيال الحاضره .
أن المصطلح القبلي النظامي لأبناء القبائل العربية متميزا ظهر في المنطقة التي تشكلت في البيئة الصحراوية في امارة أبوظبي أتصف فيها قبيلة بني ياس بخصائص متميزة وبالغة الأهمية والتي أكتسبت أهمية خاصة بسبب الخصائص للمصطلحات المتفردة التي غرزت نجاحات هذه القبيلة خلال بعض الحالات تسمى “تحالفا” وفي بعض الأحيان تسمى “اتحادا تعاهديا” ومن هنا كانت القبيلة .. وقد تمكنت هذه القبيلة وهي نواة يلتف حولها مجموعة من الأسر تربطهما مصالح مشتركة تم تطويرها بالتمسك بها بعد أن ظلت صامدة على امتداد أجيال عديدة .. ان قبيلة بني ياس ظلت تمثل أقوى تجمع قبلي في جنوب شرقي شبه الجزيرة العربية وكان يتزعمها على الدوام “آل بوفلاح” ونسلهم من “آل نهيان” وأن منظومة بني ياس كانت منظومة ومستقرة ومنفتحة على التغيير وكان من الممكن ضم حلفاء وموالين للمنظومة القبلية سواء عن طريق المصالح المشتركة أو صلات الدم أو المصاهرة .. علاوة على ذلك كان هناك اتفاق عام داخل تحالف بني ياس على تولي أسرة آل نهيان زعامة هذا التجمع منذ أمد بعيد طبقا للتقاليد القبلي المتبع فان الشيخ “فلاح” زعيم قبيلة بني ياس كان خليفته ابنه نهيان عند توليه أمر القبيلة والذي حظي بتأييد أخوته الثلاثة وهم سعدون ومحمد وسلطان وهكذا أصبحوا هم وأنصارهم معرفين بآل “بوفلاح” والمعني بسلالة فلاح ومن ذلك الحين أصبح التقليد المتبع هو اختيار شيخ بني ياس من سلالة آل نهيان وكان اختيارهم لهذه السلالة لانها فئة عرقية أصيلة وتعتبر من أعلى الكفائة ومن أصحاب الشرف القبلي .
في صراع البقاء الذي كانت تخوضه قبيلة بني ياس في ظل حالة الفوضى والارتباك التي خلفتها الظروف الصعبة والحروب القبلية في المنطقة .. وحدث أول توسيع بارزللسلطة القبلية في عام 1761 بالتوطين في جزيرة ابوظبي وبدأت جماعات متلاحقة من بني ياس تتنقل بين ليوا وجزيرة ابوظبي .. وقبيلة بني ياس كانوا يعيشون في بادئ الأمر في الصحراء المحيطة بواحة ليوا ومنذ تلك اللحظة نشأ ذلك النمط المزدوج للحياة حيث ضمت المنظومة كلا من الرعاة الرحل والسكان المستقرين .. وقد أحترف بعض أبناء بني ياس مهنا مستقرة مثل الغوص لاستخراج اللؤلؤ وصيد الأسماك على السواحل والزراعة وكانت حياتهم حياة بدوية عربية الأصل ويقضون وقتهم في رعي الابل في الصحاري وكانت لهم حلفائهم من القبائل وهم المناصير والعوامر والظواهر وكانت القوة الرئيسية في المنطقة ومنه قد أستقر بعض أفراد من قبيلة النعيم المتحالفة مع بني ياس في واحة العين ..
في المجتمع القبلي فأن كل فرد من بني ياس يعرف الجماعة التي ينتمي اليها ولم يكن بحاجة لحمل أية وثيقة لاثبات ذلك الانتماء .. لقد كان أفراد بني ياس واثقين من هويتهم الذاتية وولائهم ومدركين لضرورة تكاتفهم بنواة مركزية ذات محيط ملتفون حوله .. أن زعيم القبيلة الذي وصف عنه بأنه رجل صاحب الرجولة ويحظي بالاحترام اللائق وله قلب قوي ويعرف كيف يواجه الاخطار وله رؤية واسعة ولا يتصرف بعجل .. وقد برهنت تجربة الامارات المتصالحه على أن هذا الاستعداد الفطري المتلاحم ضمن الآطار الجماعي هو العنصر الذي كان دور أساسي في سيرة زايد الكبير فكان شيخ ناجح راسخ في الفهم الاجتماعي بين القبائل العربية فقد تربى على احترام الأعراف والعادات والتقاليد العربية الأصيلة ونال الولاء والاحترام من شعبه لتقيم جسورا قوية بينه وبين القبائل المجاورة وقد أدركوا أنهم امام قائد يحترم كلمته ويوجه كل عنايته الى شعبه .. هؤلاء اللذين عاشوا في ظروف الصحراء القاسية فأن الشرف والأرض هما العاملان اللذين رسما حدود وجودهم ..
وللحديث بقية ..