الأخبارفضاء الرأي

عندما ينسحب المصلحون ويتصدر التافهون / محمد الأمين الفاضل

محمد الأمين الفاظل

خطر ما يهدد أي مجتمع، هو أن تستقيل نخبه الصالحة من الشأن العام، وتكتفي بالتفرج، وذلك في وقت يزداد فيه حضور التافهين، وتتسع فيه قدرتهم على التأثير.

لقد استقالت أغلب النخب الصالحة في المعارضة والموالاة من قضايا الوطن، وتركوا الساحة لنخب انتهازية تعرف جيدا كيف تتحرك بحيوية، لا لإصلاح البلد بل لإفساده، وفي الوقت ذاته، وهذا هو أخطر ما في الأمر، تمددت ثقافة التفاهة في مجتمعنا ونخبنا مشكلة بذلك ما أسميته في مقال سابق مثلث التفاهة المكتمل الأركان:

1 –  ذائقة مجتعية مشوهة لا تحتفي إلا بالسخافات؛

2 –  مؤسسات عمومية وقطاع خاص وجدا ضالتهما في التافهين لتسويق ما يريدان تسويقه من خدمات أو سلع، ولتلميع ما يريدان تلميعه من التافهين والسطحيين؛

3 – نخب انتهازية تتحكم في المجالين العام والخاص، ترفع من شأن التافهين وتقصي العقلاء.

إن استمرار اتجاه البوصلة في هذا الاتجاه سيعني سقوط المجتمع في هاوية لا قرار لها، فالمجتمع الذي يُبَجَِل تافهيه ويهمش عقلائه، لن ينهض أبدا، وهو بذلك يكتب شهادة موته البطيء.

إن مواجهة خطر التفاهة  يبدأ أولا بإدراك الخطر، ثم بمواجهته بشجاعة، وتبدأ  تلك المواجهة بعلاج ذائقتنا الفردية والجمعية، وتصحيح اختياراتنا. يجب أن نختار المحتوى الجيد، ونشجع الأصوات الهادفة، وننخرط في الشأن العام بجدية .

يجب أن نتحرك من موقع التفرج إلى موقع الفعل، ومن الخمول إلى الحيوية، وعلينا أن نرفع أصواتنا في وجه التفاهة، ونكف عن التصفيق للتافهين.

موجبه أني منذ سنوات أنشط في مجال التوعية حول خطورة حوادث السير، ولما انتقدتُ يوم أمس من تصفونه “مؤثرا” يروج للسرعة المفرطة، والتي لا تحتاج أصلا لمن يروج لها في صفوف شبابنا، فالحوادث الناتجة عن تهور المراهقين لا تحصى ولا تعد، عندما انتقدت سلوك ذلك “المؤثر” خرج بعض أهل الفيسبوك يدافعون عنه، وهو الذي جاء إلى بلدنا ليروج للتفاهة والسخافة، وذلك في وقت يتعرض فيه أهله وأهلنا في غzه إلى أبشع حرب إبادة في التاريخ الحديث.

 

المصدر : الكاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى