أخبار موريتانياالأخبار

منظمة الشفافية :تدين ايداع غرفة الاتهام لرئيسها السجن تعتبرها انتكاسة في محاربة الفساد

بيان الي الرأي العام :

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

 

﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾

صدق الله العظيم

 

بيان

 

على إثر إيداع رئيس منظمتنا السجن للمرة الثانية على خلفية كشفه عن ممارسات فساد، والتي تبيّن في القضية الأولى أننا كنا محقّين، وسيتضح – بإذن الله – في الثانية أننا صادقون، فإننا نستغرب تشدد النيابة العامة ضده في القضيتين، خلافًا لما يوجبه القانون من حماية لكاشفي الفساد والمبلّغين عنه. ويُعدّ ذلك خطوة انتكاسية تناقض التوجه الوطني التوافقي الرسمي والشعبي، وتربك مسار محاربة الفساد.

 

نحن اليوم أمام ظرف دقيق وحساس، بعد أن أصبحت محاربة الفساد مطلبًا وطنيًا جامعًا، ومن المسلّم به أن الفساد لا يُحارَب بالمفسدين، ولا بروتين التفاهمات القديمة، ولا بالأستحياء غير المسؤول والتفريط في الشأن العام والمال العام.

 

لقد حمّل التشريع الموريتاني مسؤولية محاربة الفساد لعدة جهات وهيئات، وحدد لها أدوارًا تكاملية، من بينها المفتشية العامة، ومحكمة الحسابات، والمفتشيات القطاعية، وشرطة الجرائم الاقتصادية، والنيابة العامة، وقطب القضاء المختص، والسلطة الوطنية لمكافحة الفساد، ومنظمات المجتمع المدني، والمبلّغون، ولجان رقابة المواطنة.

 

ويتطلب تحقيق الفعالية التكاملَ والتناغمَ بين جميع هذه الأطراف، والانطلاق في تشاور جاد على أساس الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، لوضع خطة عمل توافقية تنسق الجهود، وتفعّل التعاون، مع احترام الاختصاص وتفادي التعارض.

 

وبناءً على خلفية الاعتقالات المتكررة وغير المبررة لرئيس منظمة الشفافية الشاملة، وما ترتب عليها من تداعيات قانونية وحقوقية تمس جوهر دولة القانون، وتُظهر ضعف احترام وتقدير قيادات المجتمع المدني، فإن ذلك يثير الشكوك حول جدية بعض الأطراف في الاضطلاع بدورها في مكافحة الفساد، ويؤدي إلى عرقلة أدوار أطراف أخرى.

 

وفي هذا السياق، تذكّر منظمة الشفافية الشاملة الرأي العام والنخبة والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بالدور الذي حدده القانون لمنظمات المجتمع المدني في كشف الفساد، وتعبئة الرأي العام لمناهضته، والوقاية منه واستئصاله. كما ألزم القانون الحكومة بتقديم الدعم التنظيمي والمؤسسي وحماية هذه المنظمات لتمكينها من أداء دورها بنزاهة واستقلالية وفعالية، طبقًا لمقتضيات المادة السادسة من القانون التوجيهي لمحاربة الفساد رقم 040/2015.

 

إن الاعتراف بأهمية وحساسية هذا الدور وقبوله من جميع الأطراف شرط أساسي لنجاح منظمات المجتمع المدني، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والاجتماعية المفتعلة. وما يقدمه أعضاؤها من عمل تطوعي، وما يبذلونه من وقت وجهد ومال، وما يواجهونه من صعوبات وضغوط، يستوجب التقدير والاحترام من الجميع.

 

وانطلاقًا من ذلك، فإن الاستخفاف المتكرر برئيس منظمة الشفافية الشاملة، السيد محمد ولد غده، وسهولة زجه في السجن وحرمانه من حريته بذريعة مختلفة، يُعدّ خرقًا سافرًا وتجاوزًا غير مبرر، يجب تداركه عاجلًا حفاظًا على مصداقية جميع الأطراف.

 

كما تؤكد المنظمة ضرورة مواصلة التحقيق في ملف مخبر الشرطة محل الجدل، إلى حين التأكد التام من خلوه من الاختلالات القانونية وشبهات تبديد المال العام والرشوة، تكريسًا لمبدأ عدم الإفلات من المساءلة، ورفض الانتقائية وازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا الفساد، مهما كان مصدرها أو حجمها.

 

وتؤكد أن على النيابة العامة وبقية الهيئات القضائية أن تكون في طليعة المدافعين عن المال العام والاستقرار، وأن تحمي الأطراف المدنية المشاركة في محاربة الفساد من منظمات ومبلّغين، مع التفهم الكامل لصعوبة دورهم وإكراهاته.

 

إن مسار محاربة الفساد لن ينجح إلا بتكامل جهود جميع الأطراف، وبدعم حكومي فعّال لمنظمات المجتمع المدني تنظيميًا ومؤسسيًا، وتمكينها من النفاذ إلى المعلومة، مع تعزيز قدرات الهيئات الرقابية والتفتيشية. وفي النهاية، يظل وعي الرأي العام والنخبة وضغطهم اليقظ والحازم الضامن الحقيقي لنجاح هذا المسار.

 

والله وليّ التوفيق

 

نواكشوط، 22/12/2025

مكتب منظمة الشفافية الشاملة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى