مقالات و تحليلات

اعترافات مهمَّة لمعالجة قضية “لحراطين”/ محمد فال ولد بلال

محمد فال ولد بلال / وزير وسفير سابق

كتبتُ في هذه الصفحة (2013) 5 اعترافات مهمَّة لمعالجة قضية “لحراطين” هي:

1- الاعتراف صراحة بأنّ “لحراطين” فئة عربية مسلمة أصيلة و ذات ثِقل كبير عاشت معظم حياتها مهَمَّشَة و معزولة عن المجرَى الرئيسي للثقافة العامة و التنمية ، ما جعلها تشعر بالحِرمان و تحس بالغبن الاجتماعي. و قد توافَرَت لديها اليوم كلّ المعطيات و الظروف الموضوعية [داخليا و خارجيا] لترتفِع أصواتها مطالِبَة بالخدمات الأساسية و المساواة تعبيرا عن آلام وتظلمات اعْتمَلت في أعماق صفوفها، و تبلوَرَت في عقول المثقفين من أبنائها و في عقول الخيّرين من أبناء الوطن كافة… وبالتالي، ينبغي التعاملُ مع هذه الفئة والأحزاب والحركات المنحدرة منها بحكمة و عقلانية و سِعَة صدر.

2- الاعتراف بالمظالم التنمويّة و الخدَميّة التي تعرّض لها “لحراطين” عبر التاريخ، و مواصلة الجهود بحزم وعزم عبر مبادرات مُبْتكرة و سياسات تَـفْـضِيـلِيّة و تَمييز إيجابي (discrimination positive) لتوفير الخدمات الأساسية لسكان “آدوابه” و أحياء الصفيح، و انتشالهم من الفقر و الهشاشة و الإقصاء. أقول مواصلة العمل لأن العمل قد بدأ شيئا ما من خلال فتح المدارس، و بناء المراكز الصحية، و فكّ العزلة، و برامج محاربة الفقر، و إذكاء روح المشاركة في الشأن العام… أدري أنّهُ عمل متواضع حتى الآن و دون المستوى المرجو، و لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح.

3- الاعتراف بوجود استعلاء ثقافي وعرقي لدى البيظان شكّل عنوانا سيئا في مفردات الخطاب و السلوك الاجتماعي طيلة قرون، مع أنّهُ لا يستَنِدُ إلى شيء. لا يستَنِدُ إلى عقل، و لا يستَنِدُ إلى دِين، و لا مُرُوءَة، و لا دُنيا. و اليوم، فإن المصلحة العامة تدعو الجميع إلى القِيّام بثورة حقيقية على تلك العقليات، و العمل على تحقيق الانصهار و الاندماج في بعضنا البعض. و في هذا الاطار، يتعيّن على البيظان التَّكفير عن ذلك الاستعلاء و التّكبُر، و الاقلاع عنهُ فوْرا. و على “لحراطين” أن يَتَحَرَّروا شيئا فشيئا من ذلك الإحساس الزّائد بالاضطهاد و الإقصاء الذي سكَنَهم لعقود، ليحلّ محلّه إحساس أكثر إيجابية بالمشاركة و المسؤولية بالنّظر إلى ما حصل من تقَدُّم.

4- الاعتراف بأنّ “لحراطين” اليَوم باتوا قوة وطنية كبرى و طرَفا حاضرا في أعلى مستويات الدولة… قوة تحظى برئاسة مؤسسات دستورية مهمة، و تفوز بمئات المقاعد في البلديات و البرلمان، و تقود وزارات و نقابات و اتحادات و هيئات مدنية مؤثرة… كما أنّ الظفر بمنصب رئيس الجمهورية في مُتناول يدها؛ وقد شاهدنا كيف أنّ الشعب الموريتاني انتَفَضَ عن بكرة أبيه بكلّ مكوّناته وألوانه خلف الرّئيس مسعود ولد بولخير عام 2009… و على هذا الأساس يجبُ على قادة الرأي و الوجهاء والنُّشَطاء في حركات “لحراطين” الاعتراف بما أحرِزَ من تقدُّم وانفِتاح، والتّرفع إلى مستوى المسؤولية عن الوطن ككل؛ ذلك أجدى وأنفع من اجتِرار آلام الماضي ومآسيه.

5- الاعتراف بميثاق إعلامي يحرِّم و يجرِّم العِبارات و المفرَدات و الإيماءات و الإيحاءات العنصرِية و مفردات الكراهِية و تحقير الآخر ، و تنقِية المناهج التعليمية من ذلك كله على أن يتضمن البرنامج المدرسي في جل مستوياته مادة عن مساوئ و مضار العبودية و العنصرية و أسبابها و أشكالها و دواعيها مع غرس قيّم الأخوة و التضامن. و في هذا السياق ، ينبغي تشجيع علاقات الإخاء و التوادُد و التراحُم التي آلت إليها فى الغالب رابطة البيظان بالأرقاء السابقين اعتبارا لحاجة كل منها فى الآخر. و هي العلاقات الطيبة التي بدأ المجتمع ينتظِم عليها و يعيد بناء نفسه [لو أنّ السياسيّين أعطَوه العافية].

 

نقلا عن صفحة الوزير السابق على الفايسبوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى