تنويرا للرأي العام حول حيثيات الاجراءات القضائية التي أصدرها القضاء مؤخرا في حق الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وبعض رموز نظامه على خلفية توجيه تهم خطيرة تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ ، وغسيل الأموال ، أجرت “الصدى” الحوار التالي مع نقيب المحامين الموريتانيين الاستاذ ابراهيم ولد أبتي رئيس فريق دفاع الطرف المدني في هذه القضية التي تشغل الرأي العام الوطني والدولي حاليا.
حاوره : محمد عبد الرحمن
الرقابة القضائية المشددة ، عبارة ترد لأول مرة من طرف النيابة
وهذا نص الحوار :
- بداية كفريق دفاع كيف تلقيتم القرارات القضائية المتعلقة بالمشمولين في ملف الفساد ؟
- ما صدر يوم 11 مارس 2021 يتعلق أولا بطلبات النيابة العامة المؤتمنة على الدعوى العمومية ، والتي اتهمت بعض العناصر من بينهم رئيس الجمهورية السابق و وزيرين أولين سابقين و وزراء سابقين آخرين وعناصر أخرى بعدة تهم وردت في بيان النيابة العامة ، وطلب من ديوان التحقيق التعهد الديوان المكلف بمكافحة الفساد ، كذلك طلب الوضع تحت الرقابة القضائية المشددة ، هذه هي طلبات النيابة ونحن كطرف مدني منضم للنيابة العامة نتابع كل ما تقوم به النيابة ونستخلص منه كل الدروس المفيدة في استرجاع الأموال ، وهذا هو ما يهمنا
وقاضي التحقيق عندما وصلته الملفات وطلبات النيابة قام بالاستماع لكل واحد من المتهمين وبلغه الاتهام رسميا كما صاغته النيابة العامة ، وأصدر أوامره بالوضع تحت الرقابة القضائية المشددة ، وهذه العبارة ترد لأول مرة من طرف النيابة العامة ، فالنيابة عادة تطلب الرقابة القضائية ولا تصفها ، وهذه المرة وصفتها بالمشددة حتى تكون الأمور واضحة بالنسبة للجميع ، والقاضي اعتمد هذه الطلبات ، وأصدر أوامره بالوضع تحت المراقبة القضائية المشددة
ولكن أين أنتم كفريق دفاع مما جرى ؟
نحن كفريق دفاع مدني تعليقنا هو أننا نحترم ما قرره قطب النيابة المكلف بمحاربة الفساد بصفتنا طرفا منضما إليه ونحترم ما سيقوم به التحقيق ، ونأمل أن يقوم بغربلة كل التصريحات وكل الادلة والعناصر المقدمة من أجل العمل على اكتشاف الأموال داخليا ودوليا والعمل على تغطيتها وهذا هو ما يهمنا كفريق دفاع ونعمل من أجله
- قبل الحديث عن الأموال نلاحظ أن بعض المشمولين في الملف لم تصدر في حقه المتابعة القضائية هل تمت تبرئتهم ، وهل يمكن تحريك الدعوى من جديد ضدهم ؟
- كل ملف يتم تقديمه أمام الضبطية القضائية لدى النيابة العامة ، تتم معالجته بطريقتين ، إما الحفظ أو الإتهام ، ومن إتهمته النيابة أصبح متهما ومن لم تتهمه فقد حفظت الدعوى بحقه وقد يتابع فيما بعد إن كشف ضلوعه في ملف ما ، لكن في الوقت الحاضر كل من لم تتهمه النيابة يعتبر أنها حفظت الدعوى بحقه ، هل حصل هؤلاء على قرار من النيابة بالحفظ أم لا هذا سؤال آخر ولكن الواضح أن النيابة العامة لم تقرر اتهامهم وبالتالي أصبحوا أحرارا
- ولكن أنتم كفريق دفاع في حالة حصولكم على بينات او شبهات ضد هؤلاء هل يمكنكم تحريك الدعوى من جديد بحقهم ؟
- لا ، لا يمكن ، فنحن نتابع الدعوى لا نحركها لأننا نحن طرف منضم للنيابة العامة ودورنا هو استخلاص الدروس والبحث فيما تحصل عليه النيابة العامة ، وكل ما حصل عليه التحقيق ، أما في حالة حفظ النيابة للدعوى في حق زيد أو عمر فالطرف المدني له خياران ، إما أن يترك و لا يتكلم وإما أن يحرك ما يسمى بالقيام بالحق المدني ، ونحن لا قرار لنا فيما يخص تحريك أي دعوى ضد هؤلاء لأن النيابة هي المؤتمنة على الدعوى العمومية ويبدو أنها حفظتها بحقهم.
-
قلتم آنفا أن أهم شيئ بالنسبة لكم هو استرجاع الاموال كيف سيتم ذلك ؟ مع العلم أن المبلغ الذي صرحت النيابة برصده زهيد جدا بالنسبة لما يتم الحديث عنه في الداخل والخارج؟
- آلية استرجاع الأموال هي مواصلة البحث بشتى الطرق ، عن طريق القضاء وعن طريق كل من يمكنه أن يزود بمعلومات عن هذه الاموال ، والقانون يوفر إمتيازات لكل من يوفر معلومة عن كل هذه الأموال ، هذا أولا ، وثانيا المعركة ستكون بالأساس معركة دولية ، ولكن كي نحرك الدعوى دوليا لا بد من قرار صادر عن القضاء ، فهذا القرار هو الممر الذي سنسلكه من أجل استرجاع هذه الأموال ، خاصة أن موريتانيا صادقت على الإتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ، وهذه الاتفاقية صادقت عليها الكثير من الدول ، وهناك تعاون قضائي دولي متحمس بكل ما يتعلق بالأموال المنهوبة أو الأموال الحاصلة من الرشوة ، و لا تنس أن هذه القضية قضية نوعية ، نوعية من حيث الأشخاص لأنه لأول مرة في تاريخ البلاد تتم مسائلة متهمين بهذا الحجم رئيس سابق و وزيرين أولين سابقين وعدة وزراء ورؤساء شركات ، أيضا هي نوعية من حيث المسائلة ، وهي نوعية كذلك من حيث حجم الاتهام وحجم الضرر الذي أصاب الدولة الموريتانية ، وفعلا الدرس الأساسي المستخلص من هذه القضية هو غربلة كل النصوص لكي تتأقلم مع متطلبات الشفافية في التعاطي مع الشأن العام ، وهذا في الحقيقة درس مهم بالنسبة للدولة الموريتانية وان هي استخلصت الدروس الهامة لهذه القضية ستربح كثيرا داخليا وخارجيا.
- ولكن السؤال الأهم هو كيف يتم استرجاع الأمول والمتهم الرئيسي بين المتهمين هو الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الذي لا يعترف أصلا بالمحكمة ورفض التعاطي معها كما رفضه مع الشرطة ، وفريق دفاعه يحثه على التمسك بالمادة 93 من الدستور التي تجعله محصنا ضد مسائلة أي محكمة غير المحكمة السامية في حالة الخيانة العظمى فقط ؟
- كما يشاء الرئيس السابق يعترف أو لا يعترف ذاك شأنه ، ولكن ما نريد تأكيده أن الأفعال كل الأفعال المنسوبة للرئيس السابق لا صلة بمهامه كرئيس للدولة
- ولكن تلك الأفعال التي تتحدثون عنها قام بها خلال فترة رئاسته للبلاد ؟
- أولا هو لم يعد رئيسا وبالتالي لا حصانة له ، ثانيا كل الأفعال المنسوبة له لا علاقة لها بممارسة وظائف رئيس الدولة ، هل تسيير الشركات الخصوصية من وظائف الرئيس ؟ هل تسيير الحسابات المصرفية من وظائف الرئيس ؟هل شراء وبيع العقارات المتنوعة والحصول على الصفقات بالتراضي وما إلى ذلك من القضايا التي ستكشف وتوضح في هذا الملف ، هل هذه الأمور كلها من مهام و وظائف رئيس دولة؟
الدستور نص على صلاحيات رئيس الجمهورية وجعله في مأمن من هذه الممارسات ، خاصة في هذه النازلة التي أمامنا فلأول مرة في تاريخ البلد ، نرى رجلا كان رئيسا للجمهورية يصرح أمام الملأ وفي مؤتمر صحفي بالتصريحات التالية :
أولا أنه ثري وثري جدا ، وثانيا أنه لم يسحب أوقية واحدة من رواتبه مدة عشر سنوات ، فمن أين له كل هذه الثروة إذن ؟ من الأكيد أن القضاء سيسأل عن هذا التناقض الواضح ، ناهيك عن غربلة الملف وأسراره وخلفياته وما سيكتشف ويكشف من تفاصيله الخطيرة
-
يعني هذا الكلام أن الرأي العام الوطني سيتفاجئ من حجم الفساد وحجم المبالغ المالية التي ستسترد أو سيطالب القضاء باستردادها ؟
- ذلك ما أظن شخصيا ، أظن أن الرأي العام الوطني على موعد مع اكتشاف الكثير من الحقائق ما زالت حتى الآن في الخفاء وتخضع لسرية التحقيق ، فلا يمكننا ان نعلن للرأي العام كل ما حصلت عليه الشرطة فذلك لا يجوز فنحن ملزمون بالتكتم على التحقيق وعدم إعلان ما لم تكشف النيابة والقضاء
- ولكنه موجود وخطير حسب ما يفهم من كلامكم ؟
- نعم موجود وخطير وسيفاجئ الجميع
المصدر : صحيفة الورقية الصادرة بتاريخ 8 شعبان 1442هـ الموافق22/ 03/ 2021م