سر تغيير أوقات حظر التجوال ..!/ المختار اسباعي
تتعامل السلطات الموريتانية بذكاء كبير مع الظرفية الحرجة ، توخيا لانتشار الوباء في البلاد ، و الدخول في مرحلة لا قبل لشعب الله الضعيف بها ، وجميع خطواتها لحد اللحظة ناجعة و مجدية ، وذلك مافسره انصياع الغالبية العظمى من الشعب ، لقراراتها و إرشاداتها ، وعدم تسجيل حالات جديدة إلى جانب الحالتين اليتيمتين ولله الحمد..!
وتدرك الوزارة و الحكومة بشكل عام ، بأنها تتعامل مع شعب مستهتر فوضوي ، وليس من أرقى شعوب الأرض لسوء حظها وحسنه في نفس الوقت !! وإن كان كوفيد 19 لافرق لديه بين شعب و شعب ، وبين القوى العظمى و الضعيفة ، يقطع الحدود خفية ، ويتجول في المطارات و في التجمعات و يربت على الأسطح و يسيح في رذاذ تلفظ الشفاه ، و يتسرب مع الشهيق و الزفير ، ويلتصق بالأيدي ، يترصد الإنسان في كل مكان ، والكل معرض للإصابة به ، فهو شبح يكاد يكون أدهى من شبح الطاعون إن لم يكن بالفعل كذلك ، و سنين الوباءات الخالية ، و التي ظن العالم أنه تخطاها و ألقاها في تابوت الزمن السحيق ، فلا رجعة لها !!
لكن هيهات فالدروس و الأوبئة باقية ما بقوا ! والموت مصير الجميع في نهاية المطاف !
ولما أصدرت الحكومة قرارا بحظر التجوال من الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا ، تجد بأن البعض لم يقر بذلك ولم يستقر ، حتى و إن خلت الشوارع في قلب العاصمة ، فشوارع الشاكلة و الهامش بقي نبضها المتقطع ساريا حتى العاشرة أو الحادية عشر ليلا ، وهذا متوقع من شعب لا يحترم الوقت والمواعيد ، لأنه بكل بساطة هو صاحب العبارة الشهيرة ” نحنَ مان أنصارَا وذمن احترام الوقت كامل لاش ” ! ، وبالنسبة لهم المواعيد الدقيقة سنة من سنن النصارى !!
و الأكيد أن تلك الخروقات التي لم تفت الدولة ، هي ما دعاها لمضاعفة مدة الحظر بساعتين ، قد تتم مضاعفتهما بساعتين إضافيتين في الساعات أو الأيام القادمة ..
فالأشخاص الذين قرؤوا حظر الثامنة ليلا على أنه العاشرة ، ربما نتخلص من تجوالهم عند الثامنة مساء ، لأنهم لن ينصاعوا للسادسة ، والذين دفعهم حوَل الاستهتار لاعتبار السادسة الثامنة ، لابد أن تحجزهم الرابعة حين يتم اعتمادها في كهف السادسة ، وهكذا رويدا رويدا نقنع الشعب الضعيف العنيد بضرورة البقاء في منازلهم ، و احترام الحظر الهادف إلى إبقاء الجميع في مرفأ السلامة الاحترازي ، بدءًا من الرابعة التي سيفهمها الكثيرون على أنها السادسة فما فوق ..!
وهكذا يتبين أن التعامل مع الشعب الموريتاني العظيم ، يستوجب ذكاء كبيرا و بعضا من التحايل ، نعم التحايل حتى ننقذه من نفسه ، و تتحقق للمستهترين و المتغافلين سلامتهم ، المنصهرة في سلامة الجميع ، وليس من المعقول ترك الأقلية تتلاعب بمصير الأغلبية ، لذا أرجو أن تكون الإجراءات أكثر صرامة ، وتعتمد على إرغام الناس بالقوة إن اقتضى الأمر ذلك ، كما رأينا في عدد من الدول ، والتي نُعتبر أفضل منها حالا في هذه الظرفية على مستوى سجلات الفايروس ، ولله الحمد .
ثم إن الخطوة المهمولة حتى الآن ، وهي خطوة بالغة الضرورة ، وستصبح أكثر إلحاحا مع الوقت ، هي تزويد الضعفاء و ساكنة الأحياء الشعبية الفقيرة بالإسعافات الغذائية ، ونحن في انتظار أن تقوم الحكومة بخطوة دأبت عليها في أزمات القحط و كوارث الأمطار ، وهذه الأزمة أدهى و أولى ، ولن يستكين الناس للخطوات الإحترازية من حظر للتجوال و لزوم المنازل و الدور و الأكواخ و الأعرشة والخيام ، إلا حين يتوفر لهم الغذاء وما يواجهون به هذه الفترة العصيبة من مئونة ومساعدات ..