افتتاحية الصدىالأخبارمقالات و تحليلات

غزواني … سنة من الصمت الصاخب ؟ / محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى /رئيس التحرير

أطفأ الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قبل أيام شمعته الأولى في رئاسة البلاد ، وقد شهدت هذه السنة تطورات وطنية سياسية واقتصادية وصحية متعددة ، وطبعا تتباين وجهات النظر حول تقييم تلك الأحداث والتطورات ، لكن ما يجمع عليه الرأي  العام الوطني ، هو حالة الهدوء السياسي التي عرفتها البلاد مع تسلم الرجل لمقاليد السلطة ، بعد عشرية سياسية عاصفة ، حبلى بالصراعات و التراشق السياسي بين النظام والمعارضة ، وبين رأس النظام وأطراف النظام. الأمر الذي جعل البلاد تعيش  على كف عفريت بعد إنسداد الأفق السياسي بين الفرقاء ، وضبابية الرؤية بالنسبة للمقربين من الرئيس السابق بما فيهم الوزراء والمدراء من  وكلاء “الكوميسيوهات”.

ويبدو أن مقاربة صديق الأمس عدو اليوم في إدارة السلطة مختلفة كليا ، بل على النقيض ، فالغزواني حريص على جبر خواطر المعارضة قبل الموالاة ، وهو بذلك يستصلح الأرضية السياسية الوطنية ، كي تثمر رؤى وتصورات يانعة تفيد المجتمع  والدولة ، وتبقى السمة البارزة للرجل والتي اثارت وتثير الكثير من الجدل هي قدرته الفائقة على الصمت ذلك الصمت الذي يصر “البعض” على تأويله سلبيا بنقص الكاريزما القيادية والضعف و عدم القدرة على المواجهة ، الى غير ذلك من مكبوتات من يعرفون الرجل حقيقة المعرفة،  ويتوجسون من خطورة صمته الصاخب المزعج المجلل.

لا أسطر حروفي هنا تملقا  ولا  تزلفا  للرجل ، لكن الأمانة المهنية ، تحتم علي أن أسطر ما استشرفته من مقاربات استقيتها من معلومات مؤكدة عن حقيقة صمت الرجل، الذي بسببه استهدفته حملات تشويه مسعورة،  لقطع الطريق أمام مآلات صمت رجل يسابق الزمن ، ليسجل بصمة انجاز  في بيئة طاردة عازلة للمنجز الوطني ، مهما  كان مصدره ومنبعه.

لقد قالوا في الرجل ما لم يقل سيدنا مالك في الخمر ، فهو في أحسن حالاته وأبهته ليس سوى “مدفيدف” بلا أظافر وبلا ضمير وبلا إرادة ، وفي الحالات الاخرى  هو مجرد (.. لا يليق)

لكن صمت الغزواني المجلل ظل “يزعج النائمين فوق الرماد” ، ومثل كابوسا مزعجا لدعاة “المأمورية” و”النهج” و”المرجعية”.

أما عندما رددت جدران غرفة التحقيق البرلمانية صدى ذلك الصمت الصاخب فقد تصبب عرق الرجال العابثين بثروات البلاد وبأمن واستقرار وحاضر ومستقبل هذا الشعب المسكين

واليوم وقد كشفت لجنة التحقيق البرلمانية ما كشفت من فساد ونهب ممنهج لمقدرات الشعب على يد العصابة التي كانت تختطف البلاد لمآربها الشخصية ، فقد استوعب الرأي العام الوطني حقيقة صمت الرجل الهادئ الكتوم حسب عارفيه.

لقد قدمت لجنة التحقيق البرلمانية عملا تاريخيا غير مسبوق في سياقه و لا في محتواه الفني والقانوني ، وتوجته بالقاء  الكرة في مرمى القضاء الموريتاني ، حيث يجد هذا القضاء نفسه أمام اخطر لحظة تحد عرفها منذ نشأته ، إنها الدولة تحاكم نفسها ، إنهم أباطرة الفساد الممسكين بزمام الامور قبل 12 شهرا يمثلون أمام القضاء لاسترجاع ثروات الشعب التي سرقوها بلا حياء و وبلا ضمير.

ويبقى التحدي الأكبر والأخطر في مرمى الحكومة ، المطالبة في هذه اللحظة أكثر من أي وقت مضى ، بالمزيد من المزيد من اليقظة الأمنية والإقتصادية والسياسية ، وبطبيعة الحال بالمزيد من الصمت تفاديا للتشويش على القضاء …!

وأخيرا …

عاش الرئيس الغزواني متحدثا بارعا للغة الصمت الصاخبة وهنيئا له بسنته الحبلى بالانجازات والكبوات ..

المصدر :زاوية “قلم رشاش” بصحيفة الصدى الورقية الاسبوعية الصادرة بتاريخ الاربعاء 15ذي الحجة 1441هـ الموافق 05/ 08/ 2020

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى