الأخبارفضاء الرأي

لا تظلموا (زيدان)، فكلنا(زيادنه).. المرتضى محمد. اشفاق

كثر الحديث اليوم عن ظاهرة (الزيدنه)، سمعنا الناس يتحدثون فيها عن فتى اسمه زيدان..
أنكروا منه بدعة أسلوبه في التكسب، وقالوا إنه جاء شيئا إدا..

حاولوا تفريغ حاويات أوساخ الظاهرة كلها منذ أودع الله في الناس رذيلة الطمع، وأمات فيهم فضيلة القناعة والتعفف، حاولوا تفريغها على رأس زيدان ظلما وتمييزا..
ظهر غرض المدح التكسبي في الشعر العربي مبكرا، ظهر مع النابغة الذبياني، والأعشى..
ومارسه المتنبي، وأبو تمام، وأبو نواس وغيرهم من الشعراء السابقين لهم واللاحقين بهم، فكانوا (زيادنة) مبدعين..مدحوا فأُعطوا، وهجوا فأعطوا ليسكتوا..

عرفت بلادنا الظاهرة بأساليب شتى، تكسبنا بالغناء، والرقص، والشعر لهجيا وفصيحا، وتكسبنا بآبائنا وأنسابنا، وبمكاناتنا الاجتماعية..
تكسب بعضنا فقيرا ليعيش، وتكسب بعضنا غنيا، ترفا وبطرا..

وما زال بعض الشعراء اليوم يمدحون، ويقبضون أثمان صناعتهم حاضرة غير مؤجلة..لا فرق بين تلك القصائد المحكمة نظما، الهزيلة غرضا، ودراعة زيدان، وكلماته العفوية رغم تفاهتها..
وفينا صحفيون وحملة أقلام يؤجرون أنفسهم للدعاية، وترويج النافذين، والأثرياء، والساسة، والقادة، ويقبضون ثمن صنعتهم مسددا غير مؤخر..
وقس على هذا ما لم يذكر من طبقات المثقفين المتملقين، اللاهثين وراء المال وأصحابه..

التكسب فن واحد، بأساليب مختلفة..
فلماذا يكون قبيحا من البعض ويسمى طمعا، وجشعا، وجميلا من البعض، ويسمى فنا وأدبا..

وسيلة التكسب إذن بنت عصرها، كانت أدبا، وفنا جميلا في عصور عز الأدب والثقافة، وأصبحت اليوم في عصر الرداءة، تفاهة، وانحطاطا، وهل تلد العصور إلا أشباهها؟؟
لا تلوموا (زيدان)، فنحن أرض (الزيادنة)، وقد صارت أقنعتنا التنكرية شفافة كفساتين الخليعات..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى