الأخبارقضايا المجتمع

مدون مشهور: المشايخ والزعماء التقليديون، رأوا في الزعيم أحمدو ولد حرمه خطرا على امتيازاتهم لدى الإدارة الفرنسية

سألني الأخ محمد أحمد، عن سبب زيارة الجنرال ديگول لبوتلميت غرة شهر مارس سنة ١٩٥٣، صحبة الوالي الفرنسي لموريتانيا بيير مسمير و وفد يضم أكثر من ١٥٠ فرنسيا إضافة إلي المترجمين والعمال.

وقد استقبل ديگول من طرف الشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا و وفد ضم الأعيان و الوجهاء.

 

زار الجنرال ديكول بوتلميت لسببين الأول لمكانة آل الشيخ سيديا الروحية والسياسية ولصداقة شخصية تربطه بالشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا والثاني أن ديگول كان رئيسا شرفيا لحزب الاتحاد التقدمي الموريتاني.

ذلك أن مؤسسي حزب الاتحاد التقدمي الموريتاني UPM الذي تأسس في السادس من فبراير سنة ١٩٤٦ جعلوا الجنرال ديگول رئيسا شرفيا للحزب الذي ضم الزعماء التقليديين ورؤساء العشائر وشيوخ القبائل ومسؤولي الإدارة الفرنسية وكان برئاسة بونا مختار ونائبه سيدي المختار انجاي، وضم الشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا والأمراء الدان و أحمد ولد عيده و محمد فال ولد عمير والمختار ولد داداه وغيرهم.

وكان تأسيس الحزب ناتج عن تلاقي بعض المصالح بين الزعماء التقليديين والسلطات الفرنسية، فقد أصبح الزعيم أحمدو ولد حرمة مصدر قلق وإزعاج دائمين للفرنسيين داخليا وخارجيا، منذ فوزه المفاجئ ضد مرشحهم إيفون رازاك في في انتخابات 10 نوفمبر 1946، أما المشايخ والزعماء التقليديون، فرأوا فيه خطرا على امتيازاتهم لدى الإدارة الفرنسية ومراكزهم الاجتماعية فكانوا يريدون التخلص منه بأي ثمن.

 

حدثني شيخ جليل كنت أحيانا آوي إليه، قال: تعجب الوجهاء من هذا الفتى العلوي الذي لايقيم وزنا للفرنسيين، والذي ألغى الكثير من الإجراءات الاستعمارية المجحفة بالسكان مثل العمل القسري كما أنه ألغى ضريبة الشخص التي كان يتعين على كل شخص بذاته دفعها وكذلك الضيافة الإجبارية للجنود الفرنسيين والتسخير بكل أشكاله، كما أبعد كافة الحكام الفرنسيين الذين عرفوا بسوء معاملة المواطنين.

ذلك الرجل المهيب الذي حين يأتي في سيارة كان يركب في المقدمة ويركب الوالي الفرنسي في الخلف وكان الوالي لايستطيع أن يركب قبله ولا أن ينزل قبله وكان يخفض الصوت في حضرته.

غبطه الشيوخ والأمراء و أوجسوا منه خيفة فتحالفوا مع الإدارة الفرنسية ضده في مؤتمر كيفة.

 

وفي الأول من يونيو ١٩٥٠ أسس الزعيم أحمدو ولد حرمة حزب الوفاق الوطني PEM، وقد ركز الحزب في أطروحاته على وحدة الشعب الموريتاني بعيدا عن النزعات القبلية وتوحيد طاقات القوى الوطنية في المنتبذ القصي وتحشيد الطاقات الوطنية لمواجة المحتل، وكان الحزب ذا توجه عروبي واضح بتأكيده على العربية لغة وثقافة، وعلى الانتماء العربي الإسلامي لموريتانيا كما كان يتعاون مع قوميي المغرب العربي ونتيجة لذلك بدأت مواجهته مع حزب الاتحاد التقدمي، كما يقول الكاتب والمؤرخ العراقي محمد علي داهش في كتابه “الأوضـاع والتطورات السياسية في موريتانيا 1903-1960” ص 195.

 

وجوابا على سؤال الأخ إسلم ولد سيد محمد‏ صباح اليوم فلم يكن المختار ولد حامد رحمه الله نهضويا، لكنه لم يكن ضد النهضة ولا ناقدا لنهجها ولا لنهج الوفاق قبلها:

لست بناهض ولا ناقض :: أو ناقد أمر الفتى الناهض

واسطة ما بين هذا وذا :: فلست بالبكر ولا الفارض

كان المختار ولد حامد فعلا من أنصار حزب الاتحاد التقدمي الموريتاني وأحد مؤسسيه لكنه لم يكن ضد الوفاق، وكان أهل الاتحاد التقدمي يريدون إبعاد الناس عن الزعيم أحمدو ولد حرمة، من ذلك أنه ذات وشاية تم استدعاء المختار ولد حامد في اندر من طرف الدرك وتم حل المشكلة، إلا أن نموما أراد إفساد الود بين المختار والزعيم أحمدو ولد حرمة وأحد أقرب مقربيه والذي هوبمثابة مستشاره الشخصي محمد الكريم ولد باني، أحد أماثل وأفاضل مدينة اندر حينها، فقال النموم للمختار إنما تم استدعاء الدرك لك بمكيدة من محمد الكريم وأحمدو ولد حرمة لانخراطك في حزب الاتحاد.

وكما يقول المثل بأن ” الگرظه إلا ما حاكتْ اتخلي ظيف أخلاگ” فقد حزّ الأمر في نفس المختار بل ربما عبر عن ذلك لبعض خلصائه، وذات مقيل للمختار في اندر مع الشيخ الفاضل أحمدو بن احبيّب اليدمسي وكانا صديقين يجمعها العلم والمعرفة والاهتمام بالتاريخ، وهو الذي يقول فيه المختار:

أَحْمَدُ مَنْ لَقِيتُ فِي أَنْدَرٍ :: أَحْمَدُ مَنْ تَاهَ بِهِ أَنْدَرُ

مَنْ مِثْلُهُ فِي أَنْدَرٍ نَادرٌ :: وَمِثْلُهُ فِي غَيْرِهِ أَنْدرُ

في شجون الحديث اشتكى المختار لأحمدو تنملا في يديه لا يعرف سببه، فقال أحمدو لعلها تاژبّ من الگوم، فأنت ظلمت محمد الكريم وأحمدو اعتمادا على وشاية مغرضة، فأحمدو ولد حرمة لم يكن في اندر أثناء استدعائك، ومحمد الكريم هو من سعى مع المترجم الشاب محمد عبد الله ولد الحسن في حفظ القضية.

عندها تبين المختار أنه كان ضحية نميمة أراد صاحبها إفساد ذات البين بينه وبين صديقيه، فكب معتذرا لهما:

أمتهمٌ محمدٌ الكريمُ :: معاذَ الله يتهمُ الكريمُ

أم أحمدُ أحمدُ الفتيان سعيا :: أخو الدينِ القويم المستقيمُ

معاذ الله لكن نمَّ واشٍ :: نمومٌ، أيها الواشي النموم

علي قد افتريتَ، أفكتَ إثما :: فأنتَ أظن أفاكٌ أثيمُ

بغيتَ عليّ عدوانا وظلما :: وإن الظلم مرتعه وخيم

أردت فساد ذات البين، مابي :: وداد حادث وهوى قديم

لقد أشمتَ بي من كان فيه :: يلوم، فكم فتى فيه يلوم

ويأبى أنني مازلت ردءا :: لأحمد حيث أقعد أو أقوم

عكست قضية وقلبت فيها :: حقيقة من مودته صميم

فما عوجت مني،مستقيم :: وما صححته هو السقيم

فقله بحضرتي تخجل وتغضي :: فقد يغضي من الخجل اللئيم

على أني و في الأشعار حكم :: سأورد فيك ما قال الحكيم

ستعلم في الحساب إذا التقينا :: غدا يوم القيام من الظلوم

إلى الديان يوم الدين نمضي :: وعند الله تجتمع الخصوم

 

أصبح حاضر القوم ماضيا والأربعة الآن مجتمعون عند الديان الذي لايموت، عفا الله عنهم وجمعهم في مستقر رحمته.

 

كامل الود

من صفحة المدون : إكس إكس ولد إكرك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى