مقالات و تحليلات

الخبير الاماراتي الدولي المستشار حبيب بولاد يكتب “للصدى” : دبي معجزة آل مكتوم (ج/4)

المستشار : حبيب بولاد / خبير تحكيم دولي شاعر وكاتب إماراتي

شهد خور دبي توسعا وازدهارا وقد رأت الادارة البريطانيه أن ميناء دبي الأصغر من مينائي ابوظبي والشارقه كان سيستقطب النسبة الأكبر من السفن الوافده على ساحل عمان .. ففي عام 1886 توفي الشيخ حشر تاركا ورائه تجربة مهمه في بناء أسس اقتصاد متطور ومفتوح .. تم تعيين الشيخ راشد بن مكتوم حاكما عوضا عن شقيقه المتوفي وبديلا عن الشيخ مكتوم الابن الأكبر للحاكم الراحل .. ولمدة ثماني ىسنوات و في كل فترة حكمه نجح الشيخ راشد مواصلة مسيرة شقيقه حيث حافظ على مقومات النمو الاقتصادي والتوسع العمراني والانفتاح الاجتماعي مما أكسبه احترام الشيوخ والقبائل المجاوره .. وكان الحاكم الرابع من سلالة آل بوفلاسه وكان على اتصال دائم مع المغفور له الشيخ زايد بن خليفه آل نهيان الذي قاد بني ياس لمدة نصف قرن .. وفي عام 1892 أرسل له الشيخ راشد قوة من دبي لمساندة حاكم ابوظبي في معركة ساخنه حول احقية امتلاك احدى الواحات التي كان زايد الأكبر يدافع عن حق قبيلته فيها .. وخلال اجتماع حضنته راس الخيمه يومي 6 و 8/ 3/1892 وقع الشيخ راشد المكتوم مع نظرائه شيوخ الامارات المجاوره على المعاهدة الشامله مع الامبراطورية البريطانيه والتي تؤكد رفض ساحل عمان أي تعاون أو تحالف أو تجاره مع أي سلطة أخرى غير حكومة بريطانيا التي أرادة بهذه المعاهده قطع الطريق أمام القوتين الروسيه والفرنسيه اللتين بدآ في توسيع نفوذهما سواء في بلاد فارس أو في عمان وفي الكويت .. وجائت هذه الاتفاقيه التي وقع عليها الشيخ راشد بن مكتوم حاكم دبي وزايد بن خليفه آل نهيان حاكم ابوظبي وصقر بن خالد القاسمي حاكم الشارقه واحمد بن عبدالله المعلا حاكم ام القيوين وحميد بن راشد النعيمي حاكم عجمان وذلك لتعيد العلاقه مع بريطانيا واعتبارها القوة الاكثر حضورا وفاعلية في المنطقه ومنع حكام الخليج من أي محاوره أو مناوره مع القوى العالميه الأخرى مقابل تطوير الرعاية الصحيه والتعليميه لأبناء ساحل الامارات المتصالحه .
مكتوم سابق عصره .. بعد سنوات من حكمه الثمانيه أعلن عن وفاة الشيخ راشد بن مكتوم آل مكتوم في عام 1894 أثر مرض أشتد عليه الا أن رحيله أثار عدة تساؤلات خصوصا من حيث التأثير الجهودي والاقليمي لدبي وفي التحالف مع عدة قبائل من بينها قبيلة بو شامس الذي تزوج من احدى بناتها والتي كانت تتميز بأهميه خاصه بهيبتها على منطقة البريمي ذات الأهمية الاستراتيجيه الخاصة آنذاك .. تسلم الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم وهو الحاكم الخامس من أسرة آل مكتوم مقاليد الحكم وبداية حكمه حيث أمر بالغاء الضرائب عن التجار وتحرير السوق وتشجيع الاستثمار واستقطاب رجال المال والأعمال وفي عام 1906 توفي الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم وقد كان لصغر سن أبنائه عدم تولي أحدهم مقاليد الحكم فآلت القيادة الى ابن عمه الشيخ بطي بن سهيل المتقدم في السن والذي وافته المنيه عام 1912 ليخلفه الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم الحاكم السادس الذي ولد عام 1878 وقد عاش في أحداث عده لها تاريخ في الاماره والمنطقه وتحولت دبي الى قلعة تجاريه كما تضاعف عدد السكان الى عشرين الفا .. كان الشيخ سعيد آل مكتوم ان حكمته التي أعطته قوة حافظ بها على حكمه لمدة 46 سنه وعلى الموقع الاقتصادي والحضاري رغم الهزات والكوارث التي أثرت على الخارطه للمنطقة والعالم بداية الحرب العالمية الاولى ووصولا الى الحرب العالمية الثانيه ….
ان صفات القائد لم ترتبط بالسياسة أو الاقتصاد والا كانت جافة جفاف الدبلوماسيه والتخطيط والأرقام وانما أندمجت في شخصية شيخ الاماره وزعيم القبيلة العربيه الأصيله الذي يرى في خير أهله وشعبه خيرا له وفي صلاح الرعيه صلاح الراعي والدوله والكيان كما التحمت بشخصية الحاكم المسلم الذي يخشى الله في شعبه فيعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا ويعمل لآخرته كأنه يموت غدا .. أي بناء لا يكون لفائدة الرعيه فهو ساقط لامحاله .. وأي مشروع لاتتحقق انسانيته هو مشروع آيل الى الزوال وأن طال به الزمن ..

وللحديث بقيه . .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى