الخبير الاماراتي الدولي المستشار حبيب بولاد يكتب “للصدى” : دبي معجزة آل مكتوم (ج/7)

عندما بكى الفارس .. كانت دبي تبكي بحرقة وحراره للراحلة الكبيره الشيخه لطيفه بنت حمدان آل نهيان رحمها الله الفقيدة عرف عنها انها كريمة الأصل عميقة الوعي تربت على الفضل والفضيله ومنذ أن انتقلت للعيش في قصر زعبيل العامر كانت خير زوجة وسندا للشيخ راشد وخير أم ومربية ومرشده لأبنائها الشيوخ .. الفارس القوي العنيد الذي هزم الصعاب وذل المستحيل وحاور وجادل وهندس وبنى وصنع نهضة امارته وأسهم في توحيد بلده ونال اعجاب العالم هاهو يبكي ويعتصر ألما لفقدان زوجته التي رافقته في مشوار العمر والبناء .
سعى الشيخ راشد الى التبشير بالوحده والاتحاد والتأكيد ان لامستقبل للخليج دون أن تتخذ الامارات بعضها بعضا .. وقد جاء المغفور له الشيخ راشد ليكون حكيما أجتمعت حكمته بحكمة أخيه المغفور له الشيخ زايد وكان المنعطف التاريخي للمكان والزمان منذ اعلانهما عن الاتحاد الثنائي بين ابوظبي ودبي سنة 1968 .. قام الشيخ راشد بجولات متتاليه في الامارات المتصالحه وكان الحكم في سلطنة عمان قد آل الى السلطان قابوس بعد ابعاد والده سعيد بن تيمور فزار الشيخ زايد مسقط وأتصل بالشيخ راشد لجس نبضه حول مشروع الاتحاد فكان أن أعلنت عمان عن قرارها بالبقاء كدوله مستقله ذات سياده غير قابله للاندماج في أي تجمع اتحادي .. وبتاريخ 14 فبراير 1971 أعلن وزير الخارجيه البريطاني قرار بانسحاب بلاده نهائيا من الخليج وقال رئيس الوزراء في كلمته “ان بلاده قامت بتغيير سياستها في الخليج وانها قد ناقشت مع الخليجيين مايمكن فعله لمساعدتهم في تحقيق الاتحاد”.
كان الثاني من ديسمبر 1971 يوما استثنائيا في ذاكرة التاريخ عاشت دبي بكل جوارحها ففي قصر الضيافه بالجميرا التقى قادة الامارات الست الموقعه على اتفاقية الاتحاد وكان الشيخ راشد قد كلف ابنه الشيخ حمدان حفظه الله بالقاء كلمته .. كان المغفور له قد بلغ الثامنه والسبعين من عمره الغني بكل جديد ومفيد وكانت مظاهر الشيخوخة بادية عليه دون أن تؤثر في قدراته الذهنيه وحكمته في الحديث والاجتماع والاستماع وكلما جلس في قصر زعبيل ومد نظره الى المدينه الناهضه في اتجاه قرن جديد وكأن يريد أن يودعها بعد أن روى بعرقه كل شجره وبنى بعزمه كل جدار .
عند الساعة 10 من مساء يوم الاحد 7/10/1990 توفي القائد الحكيم وأسلم روحه لبارئها بعد أن حقق معجزة دبي وناضل في سبيل وحدة الامارات العربية المتحده وجاهد في سبيل عزة العرب والمسلمين وأتسع قلبه ليحتضن الانسانيه بعد أن حجز لنفسه في عالم الخالدين قلعه تليق به وبعظمة انجازاته التي ستبقى شاهده على قدرة الانسان على التأسيس والابداع .. وفي الساعة العاشره والنصف من صباح يوم الاثنين الثامن من اكتوبر وفي غابة من الحزن والأسى وبحر من الدموع انطلق موكب جنازة فقيد الوطن والامة والانسانيه من قصر زعبيل باتجاه مقبرة ام هرير بمنطقة بر دبي وكان الشيخ حفظه الله حمدان بن راشد آل مكتوم يقود المركبه التي حملت جثمان والده في حين كان المغفور له الشيخ زايد يقود المركبة الثانيه بين أسطول السيارات المحمله بقلوب يعتصرها الحزن وعيون تجهش بالبكاء وعقول تستعيد صفحات من سفر راشد المجد والشموخ .. وكان الشيخ حمدان وشقيقه الشيخ محمد حفظهما الله يحملان جثمان المغفور له برفق الأنجال البرره لمأواه الأخير .. وهذه دبي معجزة آل مكتوم الناهضه وعبقرية القائد ودوره في بنائها و تمتعها بعقليه تجاريه فطريه أعدها المغفور له على ابقاء دبي دائما متقدمة على منافسيها في مجال التنمية التجاريه ..
وللحديث بقيه ..