الحرب الحضارية وأوهام القوة الأمبراطورية الأمريكية نظرة استشرا فية حول تشكيل نظام عالمي جديد../ أحمد بابانا العلوي

الحرب والسياسة ومنطق الصراع
إن الحرب هي أعظم الظواهر الاجتماعية والتاريخية..، وعلم اجتماع الحرب (Polémologie) يتناول كل أشكال الحروب، وأسبابها ونتائجها ووظائفها، باعتبارها ظاهرة اجتماعية وتاريخها، لأنها ممتدة عبر التاريخ.. في حياة المجتمعات والدول، والإمبراطوريات..
وثمة تعريفات متعددة لهذه الظاهرة التاريخية المستديمة، واعتبارها حاله خاصه للصراع العام فمصطلح الصراع، له معاني عديدة.. وأشكالا متنوعة.. فالصراع ربما يتم بين أضداد.. أما الحرب، فإنها تتم بوجود نشاط منظم يخضع بفعل إرادي..
هناك أشكالا من الحروب، وكلها درجات متفاوتة في نطاق فرد السلطة والهيمنة على الآخر، للانصياع لمطلب ما..
يعتبر كلوز فيتز(1780/1831) (K.Von Clause VITZ)بأن الحرب عملا من أعمال العنف يهدف إلى أرغام العدو على تنفيذ إرادة خصمه..
الصراع يدور حول المادة التي تسعى كل قوى الطبيعية إلى انتزاعها كشرط للبقاء، والتوسع من أجل الرفع من مركز السيادة..، وذلك بالاعتماد على عمق المجال الحيوي..
فجوهر الحضور الإنساني عند الفيلسوف نيتشه (1884/1900) يتمثل في إرادة القوة.. كإدراك للوجود على سيادة العالم.. والحرب المثلى عند نيتشه تبرر كل غاية كما تسمح بتقويم الأفكار والمبادئ.. فشاغل صاحب السيادة بسط سلطانه وإرادته بالقوة في الداخل والخارج..
وقد تصدرت الحرب كل العلاقات الأخرى.. فالحرب، داخل علاقات السلطة هي علاقات هيمنة.. والحرب هي السياسة في مظهر مغاير.. والسياسة هي الحرب، بوسائل أخرى..
إن الطبيعة المعقدة للمجتمعات البشرية جعلت ظاهرة الحرب من ظاهرات الاجتماع والعمران الجديرة بالتأمل، والدراسة، نتيجة أنه بالحرب تثبت الحضارات أو تزول..، نظرا للدور المحوري للمعارك، في تشكل أبرز المعالم التاريخية.. وذلك لكون جل الصراعات بين المجتمعات عبر العصور، تقوم على الحروب، من أجل التحكم والسيطرة، والاستحواذ على مقدرات العالم وثروته.. ومن هذا المنطلق أكد الفيلسوف أرسطو بأن فن الحرب مهارة طبيعية للسيطرة والتملك..[1].
المباحث الاجتماعية للحرب، تسعى إلى الإحاطة بالموضوع من كل جوانبه وزواياه المتعددة، بغية فهم تأثيراته وتحديد أبعاده..،
الحرب صراع سياسي بالدرجة الأولى، بحيث تتداخل في هذا الصراع السيناريوهات العسكرية والأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والقومية.
السياسة، هي مجال الصراع، والتدافع وأدواتها الكبرى، هي القدرات العقلية والمعرفية، والتخطيطي، والتنظيمي، والإعلامي، وقدراتها على التأثير الحضاري، والإقناع ودرجة إشعاعها في عالمها الذي تعيشه هي:
– القدرات الاقتصادية؛
– والقدرات العسكرية والأمنية..
وهي محصلة للقدرات العقلية والبشرية، ودرجة التطور الاقتصادي والتقني في المجتمع..
وستظل ثلاثة عناصر حاكمة في صراع الإنسان على مدى العصور، وهي القدرة على التنظيم البشري.. ونوع السلاح، والقدرة على الحركة.. إن القوة أصبحت قدرات في التنظيم العسكري، كماً ونوعاً..[2].
فعالم السياسة، هو عالم القوة.. وقد شهدت السياسة الدولية صراعاً من أجل حيازة القوة..
فالدول تصارع من أجل مصالحها وتوزن بالقوة..
هناك دول، تمارس الصراع طبقا لقواعد اللعبة الدولية..
وهناك دول تمارس التبعية المطلقة للقوى الدولية، وتضحي بمصالحها لإرضاء القوى الخارجية..