عندما تصبح الذاكرة أداة بين العدالة والابتزاز السياسي / بقلم: السالك ولد أباه
1.في أفق الحوار الوطني المرتقب، يتقدّم ملف “الإرث الإنساني” إلى الواجهة مجددًا، لا كمسعى للإنصاف، بل كمشروع سياسي تتبنّاه قوى ثلاث: *الحركة الوطنية الديمقراطية، إيرا، وحركة أفلام*.
2.ما يجمع بين هذه الكيانات، الثلاث رغم عدم ترخيصها القانوني، هو خطاب عابر للحدود يستدعي ذاكرة الجراح، لكنه يتهرّب من التحقيق في سياق الأحداث. فهم يطرحون مطالب مالية خيالية — قد تتجاوز عشرة مليار اوقية جديدة — دون الالتفات إلى خلفية ما جرى على الأرض.
3.المعلومات الأمنية الموثقة تشير إلى أن عددًا من المعتقلين المرتبطين بأحداث 1989 كانوا جزءًا من تحركات مسلحة انطلقت من قواعد حركة أفلام شمال الضفة، بغطاء ودعم من الاستخبارات السنغالية. بعضهم تورط في قتل جنود ومدنيين موريتانيين، مما استدعى إجراءات أمنية مشروعة.
4.الخشية اليوم أن أي تعويض مفرط يُدفع خارج إطار التحقيق القضائي، قد يتحول إلى تمويل غير مباشر لمشروع انفصالي أو عسكري، خاصة أن حركة أفلام سبق أن استخدمت الدعم في التسعينات لإحياء الصراع المسلح الذي أحبطته يقظة القوات الموريتانية.
5.ليست موريتانيا الدولة الوحيدة التي واجهت توظيف “الذاكرة الجماعية” كسلاح سياسي. دول مثل رواندا، كينيا، والبوسنة واجهت محاولات مشابهة لتحويل المظلومية إلى ورقة ضغط على الدولة المركزية، وتمويه مشاريع عنف باسم العدالة.
6.الواضح أن الهوية العربية لموريتانيا ليست مستهدفة من الخارج فقط، بل من الداخل كذلك عبر خطابات تستحضر “نقاء العِرق” و”ملكية الأرض” قبل قيام دولة المرابطين، لاكثر من ألف سنة وهو نفس المشروع العنصري الذي غذّى انقلاب 1987 الفاشل، والذي كان يسعى لتصفية البيظان من البلاد.
*خاتمة:*
الحوار مطلوب، والإنصاف حق. لكن القفز على الحقائق، والتلاعب بالمآسي لأهداف سياسية أو طائفية، خطرٌ على وحدة الدولة.
العدالة لا تُشترى… ولا تُفرض بالابتزاز.




