الأخبارفضاء الرأي

موريتانيا تجمعنا / اباي ولد اداعة

اباي ولد أوداعة.

بالطبع ما يجمعنا أكثر و أكبر مما يفرقنا ،
ما يجمعنا هو دين واحد و نعم الدين الإسلام.
و وطن واحد هو موريتانيا الحاضنة التي تزخر بكل الخيرات و الثروات و تتسع للجميع ،
فمصدر قوتنا و ثرائنا هو تنوعنا العرقي و الثقافي .
لا شك أن المجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته الشرائحية و بحكم بعده العربي والإفريقي يتقاطع تاريخيا و صيروريا في جملة من العادات و التقاليد و الظواهر و الممارسات الإجتماعية و الثقافية .
لا يمكن لأي كان نكرانها أو تجاهلها،
و إن كانت تتفاوت في أبعادها الإجتماعية و حجم أشكالها و أنماطها في بعض الحالات بإختلاف و تنوع الموروث الثقافي لدي مكونة إجتماعية بعينها دون غيرها .
فظاهرة العبودية علي سبيل المثال المقيتة و المدانة و المجرمة وطنيا و دوليا .
والتي سادت و عمت مناطق و شعوب العالم دون إستثناء تم تجاوز مآسيها و مخلفاتها داخل بعض البلدان المتقدمة علي مراحل متفاوتة و بشكل تدريجي و نهائي عبر مصالحات و تفاهمات وطنية أيضا .
ظهرت داخل مجتمعنا برمته كممارسة دنيئة و ظالمة في حق الإنسان أو بني آدم علي الأصح الذي كرمه و فضله الله تبارك وتعالي علي كثير من خلقه كما جاء في الآية الكريمة من سورة الإسراء ( و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا ) صدق الله العظيم .
نجد بقايا رواسبها و مخلفاتها لدي كل مكونات المجتمع الموريتاني ،
إلا أنها لدي بعض مكونات الزنوج أخذت أنماطا و أشكالا و صورا و أساليب بشعة و خطيرة مقارنة بما كان يحصل لدي مجتمع البيظان وصلت لدرجة تجهيز مقابر خاصة للأسياد و عوائلهم و أخري للعبيد .
الشئ الذي ظل في حالة وضع صامت لا ينبغي التحدث أو الكلام بشأنه دون أيما إثارة من دعاة مناهضة العبودية أو منظمات حقوق الإنسان التي تنشط بشكل مستمر في المجال الحقوقي و علي نحو واسع داخل الوطن ،
في محاولة لطمس الحقيقة و توجيه اللوم و العتاب بدرجة أقل لمكونة الزنوج دون مكونة البيظان .
و هو ما يؤكد عدم سلامة و شفافية و نزاهة و صدق عمل الجمعيات الحقوقية الناشطة في مجال حقوق الإنسان ،
فمن شأن هذا أن يهيئ الأذهان و يمهد السبل لتسويق و ترويج الشائعات و الأكاذيب المضللة و الإفتراءات المفتعلة بقصد الإضرار بسمعة مجتمع البيظان .
في الوقت الذي يتم فيه رفع الشبهات عن مكونات الزنوج ..
و إن كان ذلك لا يبرر إطلاقا ما موريس في السابق داخل أوساط البيظان من عبودية و ظلم و سطو و غبن و تهميش و تعذيب و إغتصاب..الخ
و بشكل فظيع و فاضح ضد شريحة لحراطين و ما يضاهيها من فئات ضعيفة طالها الغبن و التهميش و الظلم كآزناكة و غيرها .
مما كان له الأثر الكبير في تجهيل و تفقير و تجويع أبناء هذه الشرائح،
و خاصة في ظل غياب المساواة قبيل قيام الدولة المركزية و تقاعس و انبطاح نخبنا الوطنية و الرغبة الجامحة لديهم من أجل التربح علي كاهل المواطن البسيط جشعا و علي حساب القضايا الوطنية العادلة .
مما جعلنا اليوم نعيش هذا الواقع و الوضع الإنساني المر ،
و نتناقض مع أنفسنا في كل الأحوال و الأوقات و المناسبات
نتيجة إزدواحية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية و الحقوقية،
و التباين في الطرح و المقاربات و التعمد إلي الخلط بين العمل السياسي و الحقوقي .
و كأننا نسينا أو تناسينا عن قصد أوغير قصد مقاصد الآية الكريمة من سورة الرعد ( إن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم .
بالتأكيد لسنا مسؤولين عن ممارسات العبودية في الماضي ،
بقدر ما نحن مسؤولون و مدعوون كل من موقعه للتخلص من رواسبها بشكل أو بآخر و مناهضتها و عدم التستر علي مرتكبيها و الوقوف إلي جانب ضحاياها و رفع الظلم عنهم و تمكينهم من تبوئ مكانتهم المستحقة و اللائقة داخل المجتمع دون مزايدة .
ولا يتأتي ذلك إلا عن طريق التمييز الإيجابي الهادف و المنصف من الدولة ، و هو ماتم بالفعل عبر إستحداث و إنشاء مندوبية خاصة بهذا الشأن بتوجيه مباشر من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ،
من الفروض أن تذوب فيها حالات الغبن و التهميش و الظلم الإجتماعي….الخ
و هو ما تجلي في مئات العائلات والأسر الهشة ممن أستفاد مجانا من التغطية الصحية و التقسيمات النقدية في كل الأوقات و المناسبات و الدعم المادي للتعاونيات و التشاركيات التي تنشط بشكل جماعي مدر للدخل
إضافة لولوج العائلات الضعيفة إلي السكن المجاني اللائق بمواصفات و معايير مدنية و حضرية وسط أحياء تتوفر علي كل مقومات الحياة ماء و كهرباء و منشآت صحة و تعليم و أسواق…الخ
و هي خطوة تذكر فتشكر في إتجاه تمكين المواطن عديم الدخل من الإستفادة من الخدمات الصحية و الإجتماعية ،
تحت مسمي مندوبية تآزر ،
دون ان نتجاهل ما للتكافل الإجتماعي و العلاقات الإجتماعية بين أطياف المجتمع من دور بارز في التخفيف من وطأة أعباء الحياة .
في الوقت الذي ظهرت فيه أنماط و أشكال جديدة و معاصرة من العبودية أكثر خطورة من سابقاتها أستهدفت طبقات العمال الكادحة و أمتصت جهودهم و قوتهم الفكرية و البدنية و أضرت بعوائلهم و أرغمتهم علي العيش في البؤس نتيجة غطرسة و ظلم الإدارة و غياب العدالة الإجتماعية و جشع رجال المال و الأعمال و إكراهات الحياة حصل ذلك نهارا جهارا و بمسميات مختلفة عمال غير دائمين أو مؤقتين يتقاضون أقل الرواتب مقابل أعمال شاقة دون الحصول علي أبسط الحقوق في الترسيم أو التأمين الصحي أوالإستفادة من العلوات….الخ ،
قبل القرار الأخير التاريخي و الشجاع الذي تبناه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني،
قصد ترسيم عمال الشركة الموريتانية للكهرباء غير دائمين و البالغ عددهم أكثر من 900 عامل من مختلف التخصصات
إلي جانب تسوية و ضعية 1865 متعاونا في مجال الإعلام في إنتظار أن يشمل القرار قطاعات حيوية أخري.
بهدف تعزيز الإستقرار الوظيفي و تحقيق العدالة الإجتماعية و الدفع بمختلف فئات العمال للمساهمة بشكل فعال في بناء و تنمية البلد.
إن حالات الإساءة و تشويه صورة الوطن التي جاءت من وراء الحدود لا تخدم القضايا الوطنية العادلة و لا تبني وطنا ،
فالسياسة الرشيدة لا تؤسس أو تبني علي الصخب و لا علي الإرتهان علي آجندات الغير و خاصة ممن لا يحب الخير و الإستقرار للوطن من دعاة التفرقة و الفتنة و الإنفصال ،
بدل الوفاء للوطن و الشعب.
فمن يتوهم أن رفع الصوت عبر المنابر البعيدة سيمنحه قوة
سيكتشف في النهاية
أنما يعزل نفسه عن محيطه الطبيعي و يخسر الداخل قبل الخارج .
أما ما يتحدث عنه البعض شططا عبر الفضاء الأزرق بشأن مسألة هوية لحراطين لا يعدو كلاما يمني النفس
في محاولة يائسة لنكران الهوية أو رغبة في تبني هوية أخري و هو ما قد يهدد التنوع الثقافي و التماسك الإجتماعي.
فالهوية تتشكل عبر تفاعل عوامل عدة تشمل الذات و الآخرين في مستويات مختلفة ،
يساهم الوعي بالذات و تجارب الحياة و البيئة الإجتماعية و الثقافية و الإنتماء إلي مجموعات مختلفة مثل : العائلة المجتمع و العوامل العرقية و الدينية و السياسية في تكوين الهوية !
كما تلعب الذاكرة الجمعوية و التراث دورا في تثبيت الهوية ،
بينما تتسم الهوية عموما بالديناميكية و التطور المستمر مع حركة التاريخ و التغيرات الحضارية .
ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضي هو سماع بعضنا البعض و إغتنام فرصة الحوار الوطني المرتقب الذي دخل مرحلة التحضير و التشاور و رصد المقترحات في إنتظار لحظة الحسم و الذي سبق و أن تعهد به فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
ضمن برنامجه الإنتخابي ،
و الجلوس معا علي طاولة حوار وطني شامل وجامع جاد مبني علي المصارحة و المكاشفة و معالجة كل الإختلالات و الإشكالات و مواجهة القضايا الوطنية العالقة بالحلول لا بالتجاهل و النكران ،
و تقديم التنازلات المؤلمة من أجل مصلحة الوطن و ذلك بتغليب منطق المواطنة الصالحة و المخلصة علي تراهات المصالح الضيقة .
و ردم الهوة التي أنشأت بين مختلف مكونات المجتمع .
كما نحتاج أيضا إلي تقريب التباعد و بث رسائل التقارب و التصدي بكل قوة و حزم لما نلاحظه من حين لآخر من داخل البرلمان وفي الشارع و عبر منصات و وسائل التواصل الإجتماعي من إنتشار غير مسبوق لخطاب الكراهية و التحريض العنصري و إثارة النعرات العرقية ،
و إستهداف الوطن و تشويه سمعته دوليا و الإستثمار في بشكل خاطئ في خطابات المظلومية و التمييز بين مكوناته
بشكل لا يخدم أمن و إستقرار البلد ،
و لا التعايش الأهلي السلمي .
و ضرورة تدارك الوضع قبل فوات الأوان .
و العمل سويا بغية فرض هيبة الدولة بالعدل و القانون علي نحو يعزز قيم الولاء و الإنتماء للوطن ويقوي اللحمة الوطنية و يكرس دولة المواطنة و المساواة و يحقق العدالة الإجتماعية و يجسد التقسيم العادل للثروات بشكل تعم فيه الرفاهية و تذوب فيه كل الفوارق الإجتماعية.
في الوقت الذي يجمع فيه كل المحللين و المراقبين للشأن الوطني علي ضرورة تهيئة الأرض المناسبة و الظروف الملائمة للتعايش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع.
إن لم يكن من أجلنا فمن أجل الأجيال القادمة .
تأسيسا لما سبق فإن ما يجمعنا هو ثوابت و قيم وطنية و دينية و أصول ثابتة تندرج ضمن روابط و قواسم كبيرة مشتركة وجامعة .
في حين يبقي ما يفرقنا هو حالات فرعية و خلافات آنية عابرة و قضايا تم تدويلها و تضخيمها و توظيفها بشكل سيئ و خاطئ أساء للوطن و خدم آجندات خارجية تتربص بوحدة و إستقرار البلد و النيل من ثوابته الوطنية .
لكن هيهات!!!

حفظ الله موريتانيا

المصدر : الكاتب 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى